
بورتريه بقلم: عزيزة حلاق
خديجة شاكر، امرأة من زمن آخر، زمن كان للفكر فيه صدى، وللثقافة مكانة رفيعة. عاشقة للفن والأدب، كرست حياتها للعمل في مجال التربية والتعليم، وتدرجت إداريًا حتى أصبحت مفتشة عامة بوزارة التربية الوطنية. مسارها المهني حافل بالعطاء التربوي والنضال المدني والحقوقي، وقد ظلت، رغم التقاعد، وفية لخدمة المجتمع وتنوير العقول، مؤمنة بأن لا تقاعد لنساء ورجال الفكر والثقافة.
من منزلها، الذي أطلقت عليه اسم “مؤسسة الربوة للثقافة والفكر”، جعلت خديجة شاكر مقرًا إشعاعيًا للحوار والنقاش.
فقد دأبت عبر هذه المؤسسة على تنظيم لقاءات ثقافية شهرية، فتحت فيها باب بيتها لاستقبال نخبة من نساء المغرب، يجتمعن لمناقشة إبداعات أدبية مميزة في أجواء حميمية، بعيدة عن الجفاف الأكاديمي، قريبة من النص والفكر والوجدان.
تُقام الجلسات على إيقاع الشاي والحلويات المغربية، وتمتلئ لحظاتها بالمتعة والمعرفة.
اسم المؤسسة، “الربوة”، مستلهم من موقع منزلها، المتربع على ربوة عالية بمدينة الرباط، يطل منها على المدى الواسع لواد عكراش، أحد روافد نهر أبي رقراق الذي يفصل الرباط عن سلا.
ومن هذا الموقع، انطلق واحد من أهم الصالونات الأدبية بالمغرب، الذي ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا باسم مؤسسته: خديجة شاكر، سيدة الربوة
استضاف صالون الربوة أسماء لامعة من ضيفات وضيوف الساحة الثقافية، مثل ليلى أبو زيد، جسرين اللعبي، حنان الدرقاوي، محمد برادة، محمد الأشعري، عبد الكريم جويطي… وغيرهم ممن تركوا بصماتهم في الثقافة المغربية.
وقد انطلقت لقاءات الصالون بشكل منتظم منذ سنة 2012، كل سبت أخير من الشهر. وفي سنة 2014، امتد نشاط مؤسسة الربوة إلى الفضاء العام، بندوات فكرية وتكريمات مبتكرة لشخصيات ثقافية وحقوقية متميزة، مثل محمد البردوزي، محمد شبعة، ثريا السقاط، الوديع الآسفي، آسية الوديع، إضافة إلى تكريم رائدات جريدة “8 مارس”، وتنظيم مشاهد مسرحية مستوحاة من إبداع الراحلة مليكة نجيب.
ظلت خديجة شاكر من خلال مؤسستها تسعى إلى إعادة اكتشاف الثقافة المغربية بكل تنوعاتها، وفتح النصوص الأدبية والفكرية على آفاق جديدة للتفكير. وكان الفضاء الزمني للصالون الأدبي مكرسًا أيضًا لقضايا النساء، عبر استضافة مبدعات وناشطات يحملن في قلوبهن همومًا فكرية وأدبية وحقوقية.
غير أن صالون الربوة اضطر في المدة الأخيرة، إلى تأجيل مواعيده الشهرية مرتين متتاليتين، بسبب طارئ صحي ألم بسيدة الربوة. وقد خلف هذا التأجيل فراغًا كبيرًا في قلوب المنتسبات لهذه اللقاءات الأدبية والفكرية، اللواتي افتقدن تلك اللحظات المضيئة من النقاش والإبداع.
دعواتنا للأستاذة خديجة بالشفاء العاجل، لتعود إلينا كما عهدناها، تتوسط “عقد سيدات الربوة”، بحضورها الآسر وابتسامتها الدافئة.
“لا يزال الأمل قائمًا في أن تفتح قريبًا أبواب صالونها الثقافي مجددًا أمام المتعطشات إلى دفء اللقاء وحلاوة الفكر. ولسان حالنا جميعًا يقول لها
“عودي لنا… اشتقنا لحضورك… الغياب لا يليق بك، سيدتي. ندعو الله أن يمنحك الشفاء العاجل، وأن يعيدك إلى الربوة، منصتك الثقافية، ونحن في انتظارك، فحضورك هو نبض المكان”.
ملاحظة للإخبار:
تواصلت هذا الصباح مع السيدة خديجة شاكر، أسأل عن حالها، فردت كتابة وطمأنتني أن حالتها الصحية في تحسن مستمر، والحمد لله.
وهذا نص رسالتها” معذرة عزيزتي الغالية على التأخر في الرد على رسالتك الصوتية الكريمة كرم روحك الطيبة الجميلة أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك وعنايتك المعهودة. الحمد لله حالتي الصحية تتحسن أكثر فأكثر. لك مودتي وتقديري.