كلام الليل مدهون بزبد

حسن السوسي
أدلى ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية بالجزائر بتصريحات لموقع جزائري يحمل اسم : “كل شيء حول الجزائر” Tout sur l’Algérie “ حول الوضع الميداني بالمنطقة العازلة في الصحراء المغربية، اعتبر فيها ان الوضع قابل للانفجار في أي لحظة، زاعما ان المغرب قد يبادر، في أي وقت، بشن الحرب وان جبهته لن تقف مكتوفة الأيادي في مثل الحالة.
توقيت المقابلة، وسيلة الاعلام التي تم توسلها، وشخص المتحدث، وصفته كل ذلك يشكل رسالة واضحة في اتجاهات متعددة في آن واحد لعل أهمها:
اولا، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عشية اتخاذ قراره السنوي حول بعثة المينورسو وتقديرات الأمين العام حول طبيعة الأوضاع في المنطقة وأهم التطورات التي عرفها ملف النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وذلك في محاولة ضغط إضافي على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف يتغاضى عن الخروقات الخطيرة التي ارتكبتها البوليساريو في المنطقة العازلة بما في ذلك اعتراض دورية تابعة للمينورسو وتهديدها بالسلاح من قبل مليشيات البوليساريو في المنطقة العازلة.
ثانيا، المغرب في سياق الكشف عن نوايا جبهة الانفصال والنظام الجزائري بمواصلة أساليبهما الاستفزازية التي قد تصل إلى مغامرات غير محسوبة النتائج. وهذا ما يفسر التأكيد على ان الجبهة لن تقف مكتوفة الأيدي. لأن المزاعم حول إمكانية إطلاق المغرب شرارة الحرب لا تقوم على أي أساس مادي، وإنما تندرج في سياق التهويل الإعلامي بغاية حرف الأنظار عن الخروقات التي تمارسها البوليساريو التي تعتبر حقا، خرقا سافرا لاتفاق وقف إطلاق النار وتحضيرا لعدوان انفصالي جزائري مشترك على المغرب.
هذا مع العلم ان المغرب قد وجد نفسه مرارا وتكرارا أمام مثل هذه التهديدات الصريحة والمبطنة لكنها أشبه ما تكون بكلام الليل الذي يمحوه النهار.
ثالثا، الجزائر من خلال اختيار الموقع المذكور. وذلك لإبراز ان القضية في جوهرها هي قضية الجزائر الأولى، وأن من يقدم نفسه باعتباره ممثلا للجبهة الانفصالية في الجزائر ليس، في الواقع، غير الناطق غير الرسمي باسم مراكز القرار الاستراتيجي الجزائري بخصوص هذا الملف.
ورغم ان حديث الناطق غير الرسمي باسم الجزائر بالجزائر هو نوع من المونولوغ على هذا المستوى، فإنه يكشف، مرة أخرى، مدى انخراط الجزائر في هذا الملف الذي افتعلته منذ زمن طويل، وأنها لا تفكر في طَيه فحسب وإنما تعلن استعدادها لمزيد من تعفين الأزمة ضدا على كل مزاعم حقوق الشعوب في الأمن والاستقرار وتقرير المصير .