ليس من أولوياتنا احترام الصف سيدتي الوزيرة
كريمة رشدي
فاجعة بلفدير، فاجعة الصويرة،فاجعة بوركون … واللائحة طويلة ومؤلمة، في كل مرة تأتينا أخبار الفواجع، والمآسي وتأتي معها أخبار عن فتح تحقيقات تحدد المسؤول عنها…
تتوالى المآسي، ومعها التحقيقات ولا أثر لمسؤول عنها، ولا أثر لمحاسبته…
هل تقوت مناعتنا لهذه الدرجة… لهذه الدرجة أصبحنا نتعايش مع مآسي و أحزان ذوينا، “تفوت راسي وتجي فين بغات” أصبح شعارنا…
أحاول أن أتخيل الأحلام الصغيرة لهؤلاء الأطفال، أحلام بآفاق لا حدود لها، تجهض بطريقة بليدة، ولا أثر لمسؤول اللهم بعض أكباش الفداء لامتصاص غضب مؤقت.
أحلام نساء الصويرة لا تتعدى تحضير مسيمنات وبراد أتاي تتقاسمنه مع ابنائهن، أحلام دهست تحت أقدام الفقر والحاجة، إلا أن السيدة وزيرة المرأة والأسرة والتضامن لا تعترف بالفقر والحاجة ولم يظهر لها سوى عدم انضباط هؤلاء النساء “الملهوطات”، واحترامهن للصف، وأنه آن الأوان لكي يلتزم المغاربة بالتحلي بالسلوك الراقي والإنضباط، مثل الدول المتقدمة، في إشارة لكون ما وقع من الحادث المأساوي للصويرة مرده للفوضى وانعدام النظام.
وكي تدافع عن موقفها، وتأكيدا منها لافتقادنا لثقافة “الصف” توجهت لنا الوزيرة الموقرة من البرلمان فقالت، إن كلامها لم يكن موجها إلى ضحايا الصويرة، بل جرى إخراجه عن سياقه، وأن كلامها كان مرتبطا بثقافة الصف التي توجد في المجتمعات الغربية والتي تغيب في المغرب.
نعم سيدتي الوزيرة المحترمة نحن نعترف ونقر اننا شعب لا نعرف ثقافة الصف مثل الدول الغربية المتقدمة، لأننا كما تعلمين شعب نفتقد لأبسط شروط المواطنة، وليس من أولوياتنا احترام الصف.
نحن شعب يحتاج إلى مدرسة عمومية بمناهج تحترم عقول الأطفال.
نحن شعب يحتاج إلى مستشفيات عمومية تعالج كل المغاربة.
نحن شعب يحتاج إلى قضاء عادل تكون فيه كلمة الفصل للقانون.
نحن شعب يحتاج إلى عدالة ضريبية واجتماعية.
نحن شعب يحتاج …
ويحتاج… ويحتاج…
حين تلبى احتياجاتنا الأساسية ستتنظم كل الطوابير تلقائيا…
ولن تكوني مجبرة سيدتي الوزيرة لتبرير فاجعة إنسانية بعدم احترام الطابور …