حديث بسمة
في ليلة لا تُنسى من ليالي المجد الرياضي النسوي، ارتفعت الزغاريد في الرباط وتدفقت مشاعر الفخر، احتفاءً بتتويج المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم داخل القاعة بلقب كأس أمم إفريقيا 2025، بعد مباراة نهائية مشوقة خطفن فيها الفوز من منتخب تنزانيا بنتيجة 3-2، ليكتبن فصلاً جديدًا من التألق والتفوق في سجل الكرة النسائية المغربية.
إنه فوز ليس ككل الانتصارات، بل لحظة مفصلية، تؤكد مرة أخرى، أن لبؤات الأطلس حين يأتين لخوض منافسة قارية أو دولية، فليس للعب الأدوار الثانوية، بل لانتزاع الصدارة والريادة.
ففي زمن قياسي، استطاعت بنات هذا الوطن أن يحفرن أسماءهن في صدارة القارة، ويرفعن الراية المغربية عالية في المحافل الدولية.
هذا الإنجاز الجديد هو امتداد لسلسلة من النجاحات المشرفة. فمنذ 2018، حين فرض المنتخب النسوي نفسه في كأس أمم إفريقيا في غانا وبلغ المباراة النهائية، بدا واضحًا أن شيئًا كبيرًا يُطبخ في كواليس الكرة النسوية المغربية. وبعدها، جاء التأهل التاريخي إلى كأس العالم للسيدات 2019 بفرنسا، حيث شاركت اللبؤات للمرة الأولى في هذا المحفل العالمي، في تجربة رسخت الثقة وفتحت الأبواب على مصراعيها.
ولم يتوقف الزحف عند هذا الحد. ففي 2020، كتبت اللاعبات صفحة أخرى من المجد بالتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو، لتؤكدن مرة أخرى أنهن نجمات على أرض الملعب، ومصدر إلهام خارجه.
واليوم، بعد التتويج الإفريقي في الفوتصال، تتأهل لبؤات الأطلس إلى نهائيات كأس العالم داخل القاعة 2025 في الفلبين، بكل فخر واقتدار. إنهن لم يحصدن فقط كأسًا، بل احترام العالم وتقديره، ورسمن ملامح حلم نسوي مغربي يتجسد خطوة بخطوة.
كل هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا ثورة صامتة في بنية الكرة النسائية بالمغرب: مراكز تكوين، أندية داعمة، طواقم تدريبية مؤهلة، وبيئة حاضنة تؤمن أن المرأة قادرة على إبهار العالم من المستطيل الأخضر. ولأن الطريق لا يزال طويلاً، فإن هذا الفوز جاء كوقود إضافي لعزيمة اللاعبات، ولثقة جمهور بدأ يلتف حولهن بحب واعتزاز.
هنيئًا للبؤات الأطلس، هنيئًا لكرة القدم النسائية المغربية بهذا العرس القاري، وهنيئًا لنا جميعًا بهذا المجد الذي صنعته بنات الوطن بعزم، وعرق، وشغف. وليكن المستقبل، دون شك، أكثر إشراقًا.
وكان الجميل، أن تتوج بالمناسبة، لاعبتين من المنتخب الوطني لكرة القدم، داخل القاعة للسيدات بجائزتين من جوائز “الأفضل” في كأس إفريقيا التي احتضنها وتوج بلقبها المغرب،
وهما اللاعبة جاسمين الدمراوي التي حصلت على جائزة أفضل لاعبة في هذه الدورة، كما نالت ضحى المدني لقب أفضل هدافة.
