الشامي:لا مكان للتسول ضمن طموح الدولة الاجتماعية

بسمة نسائية/ مجتمع
تشديد العقوبات على استغلال الأطفال والمسنين والنساء وذوي الإعاقة في التسول، وتحسين فعالية برامج التكفل الاجتماعي بالفئات الهشة…من توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
واقع صادم كشف عنه صباح هذا اليوم، في بحث حول ظاهرة التسول، تحت عنوان ” من أجل مجتمع متماسك خال من التسول” اشتغل عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وقدمه رئيس المجلس السيد رضى الشامي. وقال بالمناسبة:” إن التسول هو ظاهرة اجتماعية معقدة من حيث أسبابُها الظرفية والبنيوية، وأبعادُها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأشكالُها المتعددة، وتداعياتُها على الأفراد والمجتمع والنظام العام.
التقرير سجل اتساع قاعدة الفقر والهشاشة بزيادة أكثر من 3 مليون شخص إضافي ما بين 2021 و2022..وكشف البحث الذي انجز في جهة الرباط، سنة 2003، بناء على عينة 792 متسول ومتسولة، عن وجود 50 ألف متسول ومتسولة على الصعيد الوطني، وارتفع هذا الرقم وطنيا وفق اسقاطات هذا البحث عن تسجيل 195 ألف على الصعيد الوطني.
و أقر استبيان موجه للمواطنين، أن 97% منهم بانتشار التسول، و87% منهم يؤدون الصدقة لهذه الفئة إما كوازع ديني منهم، أو من باب التعاطف الإنساني أو خوفا من ردة فعل بعض المتسولين.
ويأتي اشتغال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على موضوع ممارسة التسول لاعتبارات عديدة، “أولها أن هذه الممارسة لا مكان لها ضمن طموح الدولة الاجتماعية التي تسعى بلادنا إلى إرسائها بشكل تدريجي بناء على أسس استراتيجية ومستدامة”..
واشتغل المجلس على هذه الممارسة أيضا؛ لكونها “تمس بالدرجة الأولى فئات هشة في حاجة إلى الحماية من كل استغلال ومُتاجرة، لا سيما الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة”، ولأن التسول انتهاكا للكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للأشخاص الذين يمارسونها.
وسجل رئيس المجلس أن التمثلات الفردية والجماعية المَسنودة ببعض البحوث الميدانية، “تَذهَبُ في اتجاه تزايُدِ هذه الممارسة واستفحالِها، لا سيما بعد الأزمة الصحية لـ”كوفيد 19” وتداعياتِها المتواصلة على الاقتصاد والشغل والقدرة الشرائية، واتساع قاعدة الفقر والهشاشة (أكثر من 3 مليون شخص إضافي ما بين 2021 و2022) “.
وتابع أنه بالإضافة إلى هذه العوامل الظرفية، هناك عوامل اختِطار (Facteurs de risque) من شأنها أن تُلقي بالأشخاص في آفَة التسول مثل التخلي الأسري، والطلاق أو فقدان المُعِيل بالنسبة للنساء، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية (الصحة البدنية والعقلية، والإعاقة).
وأكد السيد شامي، بالمناسبة، أهمية الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية المعنية في التصدي لظاهرة التسول، وفق مقاربة تجمع بين البعد الوقائي، والتكفل الاجتماعي، والتدخل الزجري القضائي.
وأشار إلى أنّ هناك رهانا كبيرا على ورش الحماية الاجتماعية، في حكامته واستهدافه، لا سيما في ما يتعلق بتعميم التغطية الصحية وتقديم الدعم المباشر للمعوزين، للقضاء على مختلف مصادر الهشاشة الاجتماعية، بما فيها العوامل التي قد تؤدي إلى التسول.
وانطلاقا من هذا التشخيص، يرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بحسب السيد شامي، أن الحد من ظاهرة التسول، يقتضي التنزيل المتجانس والمُنَسَّقَ لجملة من الإجراءات الرامية إلى تحقيق هدفين هما ضمان احترام مقتضيات الدستور وضمان احترام النظام والأمن العام.
وأضاف أن هذه الممارسة، التي تنتهك الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للأشخاص الذين يمارسونها، تمس بالدرجة الأولى الفئاتٍ الهشة التي هي في حاجة إلى الحماية من كل استغلال ومُتاجرة، لا سيما الأطفال والنساء والمسنون والأشخاص في وضعية إعاقة. وبالتالي، فإنه لا مكان لها ضمن طموح الدولة الاجتماعية التي تسعى بلادنا لإرسائها بشكل تدريجي بناء على أسس استراتيجية ومستدامة.
وفي معرض تقديمه لخلاصات رأي المجلس حول هذا الموضوع، أكّد السيد عبد المقصود الراشدي، عضو المجلس ومقرر الموضوع، أنه ثمة عددا من العوامل التي تنضاف إلى عوامل ظرفية أخرى، تساهم في إيقاع الأشخاص في وضعية هشة في آفَة التسول مثل التخلي الأسري، والطلاق أو فقدان المُعِيل بالنسبة للنساء، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية (الصحة البدنية والعقلية، والإعاقة).
وشدد على ضرورة التفكير، اليوم، في اعتماد مقاربة أخرى تُخرِّج “التسول” من دائرة مجموعة القانون الجنائي، مع الحرص على الاحتفاظ بالعقوبات المتعلقة بالأفعال الإجرامية الفردية أو الجماعية التي تُرْت كبُ تحت غطاء التسول.
القضاء على جميع أشكال تسول الأطفال، من خلال تعزيز آليات حماية الطفولة على صعيد المجالات الترابية (وحدات حماية الطفولة) على مستوى التنظيم الجيد، وتوفير الموارد البشرية والمادية الضرورية، وكذا عبر تشديد العقوبات في حق مُسْتَغِلي الأطفال والمتاجرين بهم في التسول. وحماية الأشخاص في وضعية هشاشة من الاستغلال في التسول، من خلال تشديد العقوبات على الممارسات التي يتم ارتكابها تحت غطاء التسول، طبقاً لمقتضيات القانون الجنائي، لاسيما ضد الشبكات الإجرامية التي تستغل النساء والمُسِنِّين والأشخاص في وضعية إعاقة، والنهوض بالسياسات المتعلقة بحماية ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين، والإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين المُعَرَّضِين لممارسة التسول.
ومن خلاصات التقرير، أن الأمر يقتضي إعادةُ التأهيل والإدماج وضعَ بدائل مستدامة للتسول، من خلال تعزيز السياسات المتعلقة بالمساعدة الاجتماعية، وتطوير الأنشطة المدرة للدخل، وتحسين التكفل بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
وتبقى الوقاية من التسول حسب المتحدث، وتعزيز قدرة الأُسَر على الصمود اجتماعياً واقتصادياً، ومحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم والتكوين والشغل، من أهم التوصيات التي خلصت إليها مخرجات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.