لطيفة أحرار و "الصحراء حبيبتي".. - بسمة نسائية مغربية - كوني جميلة
أصواتهنالسلايدرثقافة وفنون

لطيفة أحرار و “الصحراء حبيبتي”..

بسمة نسائية/ ثقافة وفنون/ أصواتهن

صور: زليخة

الرباط: عزيزة حلاق

“كم جنديا ذهب إلى العمل ولم يعد” جملة ترددت في كل الشهادات التي وردت في الشريط الوثائقي” الصحراء حبيبتي” للمخرجة لطيفة أحرار، لكن وقعها كان أكثر تأثيرا حين جاءت على لسان (خالتي فاطمة) زوجة جندي، أبعدته الحرب، فلازمها الخوف هي وأطفالها طيلة السنوات التي قضاها زوجها ف”السربيس في الصحرا”، من أن يصلها خبر وفاته وويقال لها زوجك لن يعود مجددا.

“من 27 عام ديال الخدمة فالصحرا والسربيس، دوزت منها 3 سنين و6 شهور و20 يوم فقط مع عائلتي..”.

هي شهادة بوح أخرى قوية وحقيقية، شهادة قالت ولخصت كل شيء عن المعاناة الإنسانية التي عاشها الجنود الذين خاضوا الحرب في الصحراء استجابة للواجب الوطني.

فالفيلم عبارة عن بوح إنساني ولحظات إنسانية يحكون من خلالها بعض الجنود تجاربهم الخاصة والشخصية في فترة الحرب، واستحضروا مهامهم في حراسة الصحراء على الحدود المغربية، وما أسفر عنها من هجومات بالرصاص وحروب شنها المرتزقة، والتي أودت بحياة مئات الجنود الذين كانوا يصطفون إلى جانبهما دفاعا عن الوطن.

وكان الجميل، قولهم إنهم رغم كل هذه المعاناة، على استعداد دائم للدفاع عن الوطن والعودة للصحراء وحماية الحدود..

ونحن نتابع هذا الشريط الذي سبق ونال عدة جوائز، نقف من خلال شهادات جنود حقيقيين، أن لطيفة أحرار المخرجة، تنقل لنا حكايتها هي لطيفة بنت العسكري…

فالشريط هو لحظة تكريم لوالدها ولكل الجنود ووقفة اعتراف بالتضحيات التي قدموها خدمة للوطن.

في هذا الفيلم الوثائقي، نلمس كيف تمكنت لطيفة بفنية عالية، أن تنسج خيطا رفيعا بين لطيفة المخرجة ولطيفة (بنت العسكري/ الغائب/ الحاضر في الفيلم)، فهي الراوية والمستمعة والمحاورة التي تخفي تأثرها وتغالب دموعها وتأخد مسافتها حين تتحول إلى مخرجة وتنتقل لموقعها خلف الكاميرا…

عرفت لطيفة كيف تطوع أدواتها في الإخراج وهي تنقل لنا مشاهد مؤثرة طبعت طفولتها بمشاعر تتقلب بين الشوق والحنين، نفضت الرمال عن أشياء ترمز لعلاقتها بوالدها، فظهر اللباس العسكري، ( التريي)  وحقيبة جلدية/ الرحيل وشرائط “كاسيط” وأغلفة الرسائل/ التواصل وحذاء عسكري/ رمز المهنة، والمقبرة وتذكرة قطار/ السفر..

شريط “الصحراء حبيبتي”، سافر بنا عبر الذاكرة الخاصة بالمخرجة لطيفة أحرار، والذاكرة الجماعية للمغاربة، من خلال تجربتها كابنة عسكري عاش الحرب في الصحراء المغربية.

جرى عرض فيلم “الصحراء حبيبتي” أمس الجمعة 22 دجنبر 2023، بقاعة با حنيني، في في أمسية فنية ثقافية نظمتها فرقة مسرح أكون، تميزت بتنظيم فقرة “ماستر كلاس” مع لطيفة أحرار وكانت من تنشيط فاطمة مقداد أستاذة التربية الفنية بالمعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي والمعروف اختصارا ب”ليزاداك”، والتي ناقشت مع لطيفة بعض من القضايا المرتبطة بشخصية لطيفة أحرار المتعددة القبعات فهي الممثلة المحترفة والمخرجة والأستاذة وحاليا هي مديرة معهد “ليزاداك والطالبة التي تحضر الدكتوراه.”.

كان الحديث عن الصناعة الثقافية والاستراتيجية الجديدة للمعهد، وكيفية تطوير العمل الفني بكل أشكاله، في ظل التطورات الحديثة والتقنيات الجديدة للعلم ومعرفة والرقمنة والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المواضيع التي أثارت اهتمام الحضور المكون بنسبة كبيرة من الشباب، طلبة معاهد السينما والمسرح. تفاعلت لطيفة أحرار بشكل جميل مع أسئلتهم، وأبانت بالفعل أنها فنانة حقيقية وأستاذة في مجالها وبأنها المسؤولة المناسبة في الموقع المناسب.

بقي أن نشير إلى أن لطيفة أحرار اتخذت من الجنود والصحراء تيمة لثلاث أفلام قصيرة سابقة، وأعلنت أمس بأنها تشتغل على شريط جديد و بالتيمة نفسها، ستسلط الضوء هذه المرة على زوجات الجنود “عيالات العسكر”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى