انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

لا، وألف لا، لتشويه صورة المغرب!

حسن السوسي

نسمع كثيرا عن صورة البلاد لدى الرأي العام الخارجي والحرص على ضرورة ان تظل ناصعة في كل وقت وحين خاصة عندما يثار خلاف في الرأي او الموقف والممارسة بين بعض مؤسسات الدولة وهذا الطرف او ذاك، وأساسا عندما يتعلق الأمر باتخاذ الدولة قرارات زجرية تعتقد ضرورة اتخاذها لمواجهة خلل ما او تجاوزات للقانون، في حين ان المعنيين بها مباشرة يحاولون ادراجها في سياق آخر يعتقدون انه أسهل للدفاع عن النفس من خلال استدرار عطف الرأي العام او شيطنة هذه المؤسسة الحكومية او تلك. فماذا يعني هذا الحرص على سمعة البلاد يا ترى؟ هل يعني السكوت عن الواقع كمرحلة أولى، وتقديم صورة مخالفة عنه للاستهلاك الخارجي كمرحلة ثانية؟ ام يعني الحرص على تطوير البناء الديمقراطي وتوفير المزيد من الضمانات لعدم المساس بالحقوق والحريات والسهر على تمكين جميع مكونات البلاد من الاستفادة من العدالة، بما يعني ان تكون الصورة المقدمة الى الغير انعكاسا صادقا، ما أمكن، للواقع وفِي توجهاته الأساسية على أقل تقدير؟

لن أتردد في اعلان تبني الموقف الأخير، لأنه أحق بالتبني في سياق ديناميكية انخرط فيها المغرب دون أي غموض منذ حوالى عقدين من الزمن وكرسها دستور اول يوليوز عام 2011 الذي هو المرجعية الأساسية في هذا المجال.
واستباقا لكل قراءة مغرضة لهذا القول القائم على هذا التبني، فإنه لن يغير من جوهره ما قد يكون تخلل سنوات الممارسة في إطار هذا الدستور وتلك الديناميكية من خروقات أدينت في حينها وتستحق ان تدان ضمن منطق يتوخى التطوير الى ما هو أفضل، وليس ضمن منطق قاعدته تبخيس كل شيء من حيث المنطلق، وحيث ما يمكن تسجيله من مؤاخذات على ممارسة السلطة، هنا او هناك، ليس غير ذرائع يراد بها تعزيز ما يشبه عقيدة تبخيس عمل مختلف المؤسسات الدستورية والحزبية
ليس هناك جدال في ان من حق كل فرد او جماعة إبداء ما عن له انه ضروري إبداؤه من ملاحظات حول ظروف اعتقال السيد توفيق بوعشرين بعد تلقي السلطات المعنية اشكاليات متعددة من قبل نساء ارتبطن أساسا بالمؤسسة التي يشرف عليها حول مزاعم تعرضهن للتحرش والاعتداءات الجنسية والضغط والابتزاز ، ذلك ان دور المحامين هنا أساسي لابراز ما اذا كانت هناك خروقات للمساطر المتبعة في مثل هذه الحالات، غير ان اختزال كل شيء في هذا المستوى الشكلي، لا يساعد الرأي العام على تكوين فكرة قريبة من جوهر القضية التي تمت بها متابعة الرجل. ولست ممن يعتقد ان عدد من ساهموا في الإعتقال يشكل معضلة جوهرية، لأنني ادرك، تماما، ان هذا يخضع لطبيعة القضية، من جهة، ولتقدير الجهة المكلفة بالتحقيق فيها من جهة اخرى. وليس هناك قانون يحدد عدد من مسموح لهم بالمساهمة في العملية برمتها. وبالتالي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه يدور حول مدى صحة زعم ان صورة المغرب في الخارج ستتأثر سلبا بفعل حجم من شاركوا في عملية الإعتقال خاصة ان دولا عريقة في الديمقراطية تجند في عدد من القضايا أعدادا هائلة من رجال الأمن لاعتقال هذا او ذاك لأن العامل المحدد هنا هو تقدير الجهة القضائية او الأمنية المعنية لا غير.

والملاحظ ان احدا، على حد علمي، لم يقل انه تم تعنيف أي كان في عين المكان، بمن في ذلك المتهم في هذه النازلة السيد بوعشرين، اذ لو حدث ذلك لكان ينبغي التركيز عليه وتوضيح ملابساته واتخاذ الجهات المعنية الإجراءات القانونية التي يقتضيها الموقف لأن تعنيف المواطنين لأسباب واهية مدان فعلا، ويمكن ان يؤثر على صورة المغرب سلبا دون أدنى شك، فضلا عن تأثيره السلبي على واقع البلاد.

وفوق هذا وذاك، ما الذي يشوه سمعة المغرب حقا؟
التحقق وإعمال العدالة في قضية متابعة الإعلامي توفيق بوعشرين، سواء من خلال إثبات قرينة البراءة، وبالتالي، اتاحة الفرصة أمامه لاستعادة وضعه الاعتباري الطبيعي داخل الجسم المهني الذي بنتمي اليه وداخل المجتمع بصفة عامة وفتح الطريق أمامه لمتابعة اللواتي لجأن الى “تلفيق” التهم ضده، او من قيل انهم قد حاولوا “حبك مؤامرة” في حقه، كما يكرر بعض من دفاعه؟ او الوصول الى اتخاذ قرار الادانة الذي يعني إنصاف المشتكيات او الضحايا منهن وإعمال القانون بما يتضمنه من عقوبات واجراءات زجرية ؟
أم على العكس من كل ذلك، إغلاق الملف ومحاولة اخفاء عناصره الأساسية مما يعني التعايش مع واقع ليس بالإمكان الدفاع عنه، لا امام الرأي العام الوطني ولا امام الرأي العام الدولي؟!
يبدو لي ان تحريك الدعوى وإجراء المحاكمة العادلة هو الذي يَصب في مصلحة الوطن وسمعته لدى الرأي العام الدولي، علاوة على بعده الداخلي الذي يترجم، في هذه النازلة، بالذات، كون المغرب دولة الحق والقانون وليس دولة اخرى يصعب تحديد نعت لها متى استساغت ما هو مفترض انه جرى داخل مؤسسة إعلامية ذات وزن هام في البلاد

لست ادري أين تضررت سمعة الولايات المتحدة الأمريكية عندما واجهت كبار الشخصيات السينمائية والفنية والسياسية على خلفية قضايا التحرش الجنسي او الاستغلال بما في ذلك ما جرى لرئيس البلاد الأسبق ليل كلينتون. وما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق، أيضا، على فرنسا، وما عرفته وتعرفه من قضايا من هذا الطراز؟ فلماذا إذن تكون سمعة المغرب هي المعرضة للضرر عند طرح مثل هذه القضايا امام العدالة؟
ان الاعتراض بعدم تماثل وضعية القضاء، قوة وضعفا، بين الولايات المتحدة وفرنسا وبين المغرب لا يمتلك هنا أي حجية فعلية متى أريد له ان يكون العامل الأساس في وأد هذه القضية او تلك، إذ الأولى والأجدى لبناء او تطوير دولة الحق والقانون وحمايتها هو التعامل مع تلك القضايا بما هي جنح او جرائم على القضاء الفصل فيها خاصة انه يفتح المجال واسعا امام كل من يعنيهم الأمر للتقاضي على مستويات عدة اضافة الى ان الأحكام لا تحتمل حكم الادانة فحسب وإنما تحتمل قرار البراءة أيضا وهي المنطلق والأصل باسم قرينة البراءة، في كل الأحوال، وان الطارئ الذي ينبغي التحقق منه هو التهمة على اعتبار ان شبهتها تقوم على ادعاءات أشخاص محددين حول اعمال جرمية منسوبة الى الظننين بغض النظر عن انتماءاته السياسية او الفكرية او المهنية.
فلتقل العدالة كلمتها لأن هذا من مصلحة البلاد برمتها

هذه مقالة أعدت للنشر في صحيفة عربية منذ اكثر من أسبوع غير انها لم تنشر لأسباب ليس لي بها علم 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا