فريدة بن اليازيد تفتتح زمن المساواة في السينما
لطيفة أحرار، فاطمة الإفريقي ونجاة الوافي في لجنة التحكيم

في أول إعلان عن ولادة المهرجان الجديد “مهرجان السينما والمساواة”، الذي سينطلق يوم 14 ماي الجاري ويستمر إلى غاية 17 منه، اختارت إدارة هذه التظاهرة السينمائية الواعدة أن تحتفي في دورتها الأولى باسم مخرجة مغربية رائدة في مجال الإبداع السينمائي، ويتعلق الأمر بالسيدة فريدة بن اليازيد.
ففي خطوة أولى نحو ترسيخ قيم العدالة الجندرية داخل الحقل السينمائي، يفتتح مهرجان “السينما والمساواة” دورته الأولى بتكريم السينمائية المغربية الرائدة فريدة بن اليازيد، التي شكّلت تجربتها الفنية جسراً بين الإبداع والنضال من أجل حضور نسائي فاعل على الشاشة وخلف الكاميرا…
ويهدف هذا المهرجان الجديد إلى الاحتفاء بالإبداع السينمائي النسائي على وجه الخصوص، وبالأفلام التي تسلط الضوء على المواضيع المرتبطة بقضايا المرأة، وكذا بالحضور النسائي في مختلف واجهات المهن السينمائية ومراحل صناعة الأفلام.
كما تسعى إدارة المهرجان إلى خلق فضاء للحوار والتعبير، وجعل السينما جسراً يصل بين قضايا المرأة وأوسع شريحة من الجمهور، داعية الجميع إلى الحضور من أجل الاحتفاء بسحر الفن السابع ودوره في ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة.
تنظم الدورة الأولى من المهرجان الدولي للسينما والمساواة بمدينة الدار البيضاء، وذلك بـالمركب الثقافي محمد زفزاف (مقاطعة المعاريف)، إلى جانب فضاءات أخرى. ويتضمن برنامجها العام مسابقة رسمية يتبارى فيها 14 فيلماً قصيراً على ثلاث جوائز (الجائزة الكبرى، جائزة الإخراج، وجائزة السيناريو)، أمام لجنة تحكيم تضم: لطيفة أحرار، فاطمة الإفريقي، ونجاة الوافي.
تنتمي الأفلام المشاركة في هذه الدورة إلى بلدان متعددة، من بينها: إيران، البرازيل، تركيا، فرنسا، مصر، سوريا، تونس، الطوغو، والمغرب، وتتناول جميعها قضايا المرأة ونضالها التاريخي من أجل المساواة والتحرر.
كما تتبارى هذه الأفلام على “جائزة المساواة”، التي تمنحها الجهة المنظمة للمهرجان، جمعية التحدي للمساواة والمواطنة.
ويتضمن برنامج هذه الدورة أيضاً ندوة حول “السينما والمرأة وقانون الأسرة”، وأخرى حول “سينما فريدة بن اليازيد”، إلى جانب ثلاث تكريمات لكل من: لطيفة أجبابدي، محمد سعيد السعدي، وفريدة بن اليازيد، بالإضافة إلى فقرات أخرى سيُعلن عنها لاحقاً.
وبمناسبة تكريم المبدعة فريدة بن اليازيد وإطلاق اسمها على هذه الدورة، نقترح تقديم ورقة تعريفية سبق نشرها في العدد الرابع من سلسلة “وجوه من المغرب السينمائي”، الصادر بالدار البيضاء في يوليوز 2023، بتوقيع أحمد السجلماسي.
فريدة بن اليازيد… رائدة السينما النسائية بالمغرب
فريدة بن اليازيد الحسني، مخرجة وسيناريست مغربية، وُلدت يوم 10 مارس 1948 بمدينة طنجة. حاصلة على إجازة في الأدب من جامعة باريس الثامنة سنة 1974، كما تخرجت من المدرسة العليا للدراسات السينمائية في باريس بدبلوم في الإخراج سنة 1976، واستفادت سنة 1977 من تداريب سينمائية مختلفة بالعاصمة الفرنسية.
نشأت في بيئة فنية؛ فوالدتها، التي كانت متفتحة ومستقلة في شخصيتها، عشقت الغناء والموسيقى والسينما، وساهمت في غرس حب الفن السابع في نفس ابنتها منذ الطفولة، حيث اعتادت اصطحابها إلى قاعات السينما بطنجة لمشاهدة أفلام مصرية وأمريكية وإسبانية وفرنسية، وذلك منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي.
بعد عشر سنوات قضتها في دراسة الأدب والسينما والعمل بفرنسا، استبدّ بها الحنين إلى الوطن، فعادت إلى المغرب لتستقر نهائيًا بمسقط رأسها.
نشرت فريدة بن اليازيد مجموعة من القصص القصيرة، وكتبت مقالات، وأنجزت روبرتاجات وأفلامًا وثائقية لصالح منابر إعلامية مغربية (مثل جريدة “الليبرالي” وقناة “دوزيم”) وأجنبية (مثل جريدة El Mundo الإسبانية، ومجلة قنطرة بباريس، والقناة الفرنسية الثالثة). كما ساهمت، قبل إخراج أول أفلامها الروائية الطويلة باب السماء مفتوح، في إنتاج أفلام مثل جرحة في الحائط (1978) وعرائس من قصب (1982)، وهما أول فيلمين روائيين طويلين لصديقها المبدع الجيلالي فرحاتي.
كما كتبت وأنتجت مسرحية أخرجها عبد الكبير الشداتي سنة 1979، وأخرجت في السنة نفسها عملاً وثائقيًا تلفزيونيًا بعنوان هوية امرأة، لفائدة القناة الفرنسية الثالثة.
شاركت في كتابة عدد من سيناريوهات الأفلام الروائية الطويلة، نذكر منها: عرائس من قصب (1982) للجيلالي فرحاتي، باديس (1988)، البحث عن زوج امرأتي (1993)، فاطمة سلطانة لا تُنسى (2022) لمحمد عبد الرحمان التازي، سارق الأحلام (1995) لحكيم نوري، وقصة وردة (2000) لعبد المجيد الرشيش، إضافة إلى سيناريوهات أفلامها الخاصة باستثناء خوانيتا.
تضمّ فيلموغرافيتها كمخرجة الأفلام الطويلة التالية:
-باب السماء مفتوح (1988)
-كيد النساء (1999)
-الدار البيضاء يا الدار البيضاء (2002)
-خوانيتا بنت طنجة (2005)
-حدود وحدود (2012)
كما أخرجت الفيلم القصير على الشرفة (1995)، والفيلمين التلفزيونيين الطويلين النية تغلب (2000) والبكمة (2001)، إلى جانب مجموعة من الروبرتاجات والأفلام الوثائقية القصيرة والمتوسطة، منها:
أميناتا تراوري، امرأة من الساحل (1993)
كونطرا باند (1994)
سردين عام 2000 (1998)
صيد الأسماء بالمغرب بين التقليد والعصرنة (1999)
كازا نايضا (2007)
تامي التازي، إبداعات عبر الزمن (2013)
سلسلة مختارات من الموسيقى والرقص الأمازيغيين (2016–2017)، وتضم تسعة فيديوهات، مدة كل واحد منها 26 دقيقة.
يُعد فيلمها الأول باب السماء مفتوح، وهو إنتاج مغربي تونسي فرنسي مشترك، من أبرز أفلامها وأقربها إلى قلبها، إذ يعكس جانبًا من شخصيتها وانفتاحها على ثقافتها الأصلية وثقافات أخرى. وقد تم ترميمه ورقمنته سنة 2019 بفضل منحة بريطانية، ليُعاد عرضه في مناسبات وفضاءات مختلفة.
حظيت فريدة بن اليازيد بعدد من التكريمات داخل المغرب وخارجه، وشاركت في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية، كرئيسة أو عضوة، وكانت تجربتها السينمائية موضوع دراسات وأبحاث وندوات، من بينها الكتاب الجماعي الذي أصدرته الجمعية المغربية لنقاد السينما سنة 2009 بعنوان “التجربة السينمائية للمخرجة فريدة بليزيد”.
ويُعد هذا المهرجان مناسبة للاحتفاء بتجربتها الرائدة، وبالسينما كأداة للتغيير الاجتماعي، وفرصة لتعزيز الحوار حول قضايا المساواة بين الجنسين.