انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
اصواتهن

قتلت الأستاذة هاجر.. فمن نحاسب؟

هاجر ضحية أخرى من ضحايا تردي المنظومة التعليمية ببلادنا

بقلم: نهى الخطيب

ما وقع للأستاذة هاجر حيادر لم يكن محض صدفة، ولم يكن حالة استثنائية تثير الدهشة، بل هو نتيجة منطقية لمسار انحدار منظومة مجتمعية وأخلاقية، ونزول مستوى التعليم في كلّ أسلاكه إلى الدرك الأسفل من الهشاشة والتّسيّب والانحطاط.

طالما دققنا ناقوس الخطر ليعلم المسؤولون أن الأمر ليس مجرّد مزحة، بل إنذارا شديد اللهجة لمراجعة سياساتنا التعليمية سياسة دقيقة ومسؤولة بعيدة كلّ البعد عن أي حساب سياسوي أو إيديولوجي، لكن للأسف أصرّت مختلف الوزارات القائمة على شأن التعليم منذ الإستقلال إلى الآن، على تسويقه تسويقا مشوّها واعتباره قطاعا غير منتج وغير مربح ومستهلك ومستنزف، بل أكثر من ذلك هناك بعض المسؤولين من الحكومات من نادى بضرورة رفع الدولة يدها عنه وتفويته للخواص (أي خوصصته). فساهمت هذه السياسة في تعميق ما يعيشه المغرب اليوم من انهيار لمنظومة التربية والتعليم والوعي والإبداع والتفكير، متناسين أن التعليم هو قاعدة لبناء مجتمع متقدم وأن تطور المجتمعات يقاس بمدى تطور تعليمها ومواكبته لمستجدات العصر واعتباره القاطرة الأمامية التي تقود باقي قطاعات الدولة الأخرى إلى طريق آمن.

واحسرتاه ..أوهموا الناس أجمعين أن التعليم قطاع غير منتج، وهم بفضله أصبحوا أطرا وأصحاب قرار، أوهموا المتعلمين والشباب أنه قطاع غير منتج بتسويق التفاهات والتشجيع على الرّبح السّريع في مجالات غير شرعية لا قانونيا ولا أخلاقيا، فبات التلاميذ والطلبة يلِجُون المؤسسات التعليمية التي يعتبرونها سجنا ذا أسوار عالية، وباب تفتح في أوقات معينة لتستقبل الجانحين صباحا وتفرج عنهم مساء، بدون مستقبل واعد ينتظرهم، والأستاذ هو السّجّان يجب التّمرّد عليه، ومحاربته بكلّ ما يحملون من نزعات انتقامية واضطرابات نفسية ومشاكل صحية وأسرية واجتماعية، بينما يقف أولياء الأمور والمسؤولون والمجتمع بكلّ أطيافه متفرّجين من هؤلاء وهم يتدنسون بأفكار الحرية المغلوطة من حقوق الطفل وتعاطي المخدرات والعري والرقصات الماجنة في حفلات التخرج، والاعتداء على المعلمين والأساتذة الذين كانوا بالأمس رسلا .

لابد أن نقف هنا وقفة تدبّر للانهيار القيمي في مجتمعنا، فالمدرسة التي كانت الدرع الواقي ضد الجهل والفوضى والتّسيّب والتّخلّف ووسيلة للتنوير، أصبحت للأسف مصدرا للجريمة والانحراف السلوكي والانفلات والأخلاقي، المدرسة التي كانت استثمارا في الناشئة أصبحت اندثارا لهم نتيجة مخططات سرية بدءا من البنك الدولي ومرورا بالمسؤولين عن القطاع ووصولا إلى الآباء والأمهات الذين استسلموا لتربية مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين والتلفزة والشارع المختلّ والمتردّي.

رحم الله هاجر، وكل شهداء الواجب في هذا الوطن الذي لا يحزن على خدّامه، وأعان كلّ من لايزال يؤدي واجبه رغم الضرب الممنهج لصورة الأساتذة الذين يعملون في القطاع العمومي، وجعلهم دائما كبش فداء يعلّقون عليهم دائما إخفاقاتهم وفشلهم، بالرغم من أن قضية التعليم هي قضية مجتمع وليست قضية فرد أو جهة معينة دون أخرى.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا