دكاترة الزيت البلدي والسمن والعسل و.. القصاير
بقلم: عبد العزيز كوكاس
بسمة نسائية/ أرائهم
ما الذي يحدث في جامعاتنا؟ أي منحدر عميق هذا الذي انزلقت إليه معاقل العلم والمعرفة؟ ما هذا الذي أصبح يروج في قلب جامعاتنا ومعاهد تعليمنا العالي من أخلاقيات انتهازية لا علاقة لها لا بنزاهة العلماء ولا بأخلاق طالبي العلم؟
عدا السرقات الأدبية الفجّة التي يقوم بها دكاترة لبحوث طلبة متميزين أو لأطاريح من جامعات أخرى، أو تقديم باحثين لمواضيع بحوث بعيدة عن تخصصهم ويحصلون على التنويه والاستحسان من لجان تشبههم أو من أصحابهم المقربين، وحين يُدرسون ما أنجزت يداهم يشعر الطلبة بأن المدرس الدكتور لا يفقه شيئا فيما يدرسهم.. بل إن أطاريح دكاترة لا تتمتع بالمصداقية العلمية لا نعثر عليها في خزانة الجامعات المعنية، من سحبها؟ كيف؟
هذا رغم فظاعته يبدو هيّنا، أمام الحكايات البئيسة التي أسمعها من طلبة من مختلف الجامعات، أو من زملاء لهؤلاء الدكاترة الجدد، دكاترة الزيت البلدي والسمن والعسل والقمح واللوبيا أو الفاصوليا والعدس… عدا القصاير المخلة بالحياء الأكاديمي في استغلال بيّن وانتهازي للسلطة اتجاه طالباتهم!
دكاترة فارغي التكوين والمحتوى، أصبحوا مثل “البنّاية”، منشغلين بالبناء وبعضهم يبيع السيارات المستعملة، وهمهم هو تغيير سياراتهم وقضاء عطل على حساب طلبتهم، دكاترة مستعدين للتحول إلى متسولين لكل شيء من لدن الطلبة الذين يؤطرون أطاريحهم أو رسائلهم الجامعية، حتى طلب ليترات الزيت البلدي وكيلوغرمات السمن والعسل الحر وأكياس العدس والفول واللوبيا… من طلبتهم القادمين من الهوامش أو القرى الفلاحية.. بعدما كان أساتذتنا في الجامعة يتميزون بامتلاك سيارات مهترئة ومتواضعين في لباسهم ونصف راتبهم تلتهمه الكتب من المصادر والمراجع القديمة والحديثة، ومهتمون بمقدمة ابن خلدون، أصبح لدينا دكاترة الرانج روفر والأودي والمرسيديس والبي إم.. بعضهم يغير سيارته كما يغير جوارب حذائه. واهتمامهم بالمؤخرات أقوى من اهتمامهم بالمقدمات العلمية.
دكاترة يشاركون طلبتهم بدون حياء “البرتوش” الذي يكترونه، وآخرون لا يكتفون بابتزاز الطالبة التي يؤطرونها ويشرفون على بحثها، بل يحولونها إلى وسيط للدعارة تعطيهم الملفات السرية لباقي الطالبات ونقط ضعفهن وحتى القيام بدور طعم الصيادة، وأعرف أستاذ نحريرا كانت له شقة خاصة مخصصة للقصاير مع طالباته مثنى وثلاث ورباع.. كان يأتي بأصدقاء له وازنين من كل فج وديوان ومنصب، ويقدم لهم لحم طالباته نيئا مقابل إغراء النجاح والنقطة السمينة بدون جهد معرفي ولا كد أكاديمي، ضعف الطالب والمطلوب.
وتتحدثون عن ضعف جامعاتنا وتخلفها في التصنيف الدولي، المصيبة الكبرى قادمة من هذا الصنف الجديد من الدكاترة الذين حتى الجيد منهم، أو من فيه فقط بعض العمش بين قبيلة العميان، ينفخ سيرته المهنية بمقالات صحافية لا علاقة لها بالبحث العلمي، وغير صادرة في مجلات متخصصة أو مواقع تحترم البعد الأكاديمي والشرط العلمي قبل نشر أي بحث، والعديد منهم كثيرو الغياب عن الجامعة، باسم مهام أو وظائف موازية سرية أحيانا كثيرة، إلا من رحم ربك من أساتذة جامعيين نزهاء، هم نقطة الضوء الوحيدة التي لا تسلم من هجوم ومحاصرة وتهميش دكاترة الزيت البلدي والسمن والعسل الحر والقصاير على حساب طلبتهم.