انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

السر المكشوف في بث الشيخ الملهوف

رسائل تأخرت عن موعدها

بسمة نسائية/ أصواتهن

بقلم:  زكية حادوش

ها نحن مرة أخرى نقف لنحصي شهداءنا… شهداء “طوفان الأقصى” في غزة ورفح ومخيم جباليا وجنوب لبنان… شهداء لا ذنب لهم سوى قدرهم الذي جعلهم يعيشون فوق أرضهم، أرض أراد لها بنو صهيون أن تكون بلا شعب لتمنح لشعب بدون أرض، شعبهم “المختار”. سقطت النساء والرضع والأطفال والشباب والشيوخ وكل من قاوم الاحتلال الصهيوني، أو مكث في داره، لا فرق.

سقط قادتهم: إسماعيل هنية، ثم حسن نصر الله، والآن يحيى السنوار…والدور على من؟ على الباقي، أمهات يلدن والولادة فوق أرض فلسطين تهمة تستحق الإعدام لأنها تهدد أمن بل ووجود الكيان الغاصب؛ أطفال تهمتهم في عرف الاحتلال أنهم يتنفسون، يذهبون إلى المدارس ويلعبون أمام باب منزلهم؛ شباب يعيشون في معسكرين “نازيين” سمتهما اتفاقية أوسلو ظلما “دولة فلسطين” والأجدر بهم -حسب الكيان الصهيوني- أن يموتوا هناك أو في معتقلاته الرهيبة أو رميا برصاص المستوطنين أو قصفا بآلات جيشه الجهنمية؛ شيوخ لا ينبغي أن يستمروا في العيش لأن العدو لا يقبل أن تروى الحكاية من زاوية من عاصر النكبة والمنفى والمخيمات والمجازر والانتفاضات…

التاريخ، حسب بني صهيون ومن يواليهم، لا يحتمل سوى سردية واحدة، ألا وهي تلك الأسطوانة المشروخة التي ملت البشرية من سماعها والتي تبدأ بسرد أساطير الأولين وحق اللقطاء في نسبهم إلى أرض فلسطين، وتمر بمحرقة هتلر ومعسكرات الإبادة النازية (التي لا نشكك فيها كما لا نشكك في محرقة غزة وجرائم الحرب الصهيونية اليوم)، ثم تنتهي بموسيقى “المظلومية التاريخية” التي تذكرني بشريط “عازف البيانو” الشهير.

لا بأس، سؤال بسيط لرئيس وزرائكم الذي لا يسمى: “هل ما ترتكبونه اليوم جدير برفع الظلم الذي تدعونه؟”، أكيد لا، بل العكس فجرائم الحرب التي تمارسونها اليوم، على مرأى ومسمع العالم أجمع، تؤلب الرأي العام الدولي ضدكم، حتى وإن كان مخدرا من كثرة مطرقة إعلامكم المهيمن عالميا عقولنا لعقود بالسردية الوحيدة لتاريخ القرن العشرين.

يا نتن يا هوه، ما تقومون به خدمة لبقائكم في الحكم، رغم قضايا الفساد وخرق الاتفاقيات الدولية والتنكر “لمسودات” التطبيع التي وقعت معكم ضدا على إرادة الشعوب، والتباهي بخريطة تعود إلى عهد “الرجل المريض” العثماني (باستثناء المغرب الذي لم تتمكن الإمبراطورية العثمانية من استعماره والذي بالمناسبة تظهرون خريطته مبتورة)، لا يخدم حتى مصالح اليهود الذين تدعون أن كيانكم قائم على ديانتهم (وهي براء منكم)، وهذا في حد ذاته عنصرية مقيتة منذ البداية ضد أصحاب أرض فلسطين الحقيقيين الذين يعتنقون في غالبيتهم الإسلام، ثم المسيحية…

هل نحتاج إلى المزيد للاستدلال على أن الكيان الغاصب، وحلفاءه التاريخيين والآنيين الذين تعرفون، مجرمون في حق الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة ومجرمو حرب ضد الإنسانية جمعاء؟ هل نحتاج إلى فتوى لكي نعتبر كل من سقط بنيرانه وكل من قاوم واستشهد في ساحة الوغى أو في داره شهيدا؟

لا نحتاج إلى فتوى ولا إلى استفتاء “شيوخ زواج القاصر ومبطلات الوضوء” في كون المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين والمقاومين وقادتهم الذين قتلهم عدو الإنسانية ذاك شهداء عند ربهم يرزقون. أجل، هم شهداء ويستحقون أن يهتف باسمهم وتحمل صورهم في مسيرات ومظاهرات التضامن مع فلسطين ولبنان عبر العالم. فقد حصلوا على لقب “الشهادة” عن جدارة واستحقاق باعتراف أي إنسان سوي لا يزايد في القضية ولا يبيع ويشتري بآيات الله ثمنا قليلا ولا يقايض مبادئه ومعتقداته بدولار “الأدسنس” (الذي قرر يوتوب أخيرا أن يصبح بالدرهم) وبنياشين “المخابرات” الداخلية والخارجية.

في رسالتي الثامنة، أشرت إلى “شيخين” مغربيين (يا حسرة!) سخرا قنواتهما لزرع الفتنة ونشر الترهات والتطاول على الشهداء، ولم أذكر ثالثهما. نعم، ثالثهما، “مول الفز” الذي يقفز على كل مناسبة ليهاجم كل من ناهض التطبيع والتضبيع والفساد في هاته البلاد، ويفرق صكوك الغفران على من “تاب توبة مخزنية نصوحا”، أو يتحدث عن “عودة الشيخ إلى صباه” كمراهق أرعن متضخم الأنا…

هذا “الشيخ”، فقيه “من أين تؤكل الكتف” و “النهار الأول يموت المش” على حد تعبيره هو في بث مباشر، كبَّر فيه على الصحافة أربعةً (أي صلى عليها صلاة الجنازة) وهو يهاجم صحافيين وينعتهما بأقبح النعوت مستهزئا بمستوى أولهما في اللغة العربية (والحال أن قناة هذا الصحافي تبث بالدارجة المغربية). على الهامش، وأنا أتابع بث “شيخهم” المباشر كبرت بدوري على اللغة العربية أربعة وصليت عليها صلاة الغائب، عندما احتار في الشكل غير ما مرة، وهذا لا يليق بمن “طرف خبزه” في اللغة العربية وبمن يمتهن “الخطابة”، فالفصاحة والبلاغة والتمكن من ناصية اللغة من شروط فن الخطابة، عند العرب خصوصا ولو أن الخطابة لا تجديهم نفعا حين يكون “السيف أصدق أنباءً من الكتب”، على حد قول أبي تمام.

الشرط الأهم في “الخطابة” هو التمكن من الوقائع التي يتحدث فيها “الخطيب”، لأن الوقائع ليست كالأفكار والآراء، أو بتعبير الصحافيين “الخبر مقدس والتعليق حر”، ولما رأيت “شيخهم” يخلط بين “ووتر غيت” و “إيران غيت”، بين عهدة الرئيسين الأمريكيين “نيكسون” و”ريغن”، في سياق هجومه على “الشيعة”، أحسست بالحرج مكانه.

الأدهى، أن “شيخهم” الذي اعترف بضعفه في التكنولوجيا الرقمية (ربما لأنه لا يعرف منها سوى حوالة الأدسنس!)، ضرب ثاني هذين الصحافيين، وهو حاليا مقيم بإسبانيا، “بالكاو” (وهذا تعبيره هو)، إذ عرض على متابعيه (الله يحسن عوانهم!) صورة للصحافي المذكور مع “نتن يا هوه”، ثم انبرى يدفع عن نفسه تهمة “التصهين” ملفقا إياها لخصمه، معتبرا ما قام به سبقا صحفيا وسرا من أسرار الدولة. يا “شيخهم”، ألا تمل من “المعاطية” ومن اختلاق البطولات الوهمية؟ الصورة قديمة ويعرفها “العادي والبادي”، فكلنا نتذكر كيف أن “لوجورنال” التي كان يشتغل بها ذلك الصحافي كانت أول صحيفة مغربية (والحمد لله آخرها) تجري حوارا مع ذلك الذي لا يسمى، فوجدت حكومة “التناوب” آنذاك نفسها مرغمة على ممارسة الرقابة وحجب “لوجورنال”، لأن الكيان الإسرائيلي ومسؤوليه كانوا بالنسبة للصحافة الوطنية ولأحزابها الموجودة في الحكومة آنذاك خطا أحمر، تماما كالخط الأحمر المتعلق بالوحدة الترابية. المهم، أن خصم “شيخنا” هو من أجرى الحوار، وكما جرت العادة عندنا، كصحافيي حقبة ما قبل الإنترنت، التقط صورة مع المستجوَب، إضافة للتسجيل الصوتي.

هذا كل ما في الأمر، والمسألة لا تقتضي أن يتحدى “مول الفز” ضحيته ويحلف برب العزة أنه سيحلق لحيته على المباشر إن ثبتت “ادعاءات” خصومه. لا حول ولا قوة إلا بالله، ما همنا من “نكح” من؟ وهل فعل ذلك شرعا أو سفاحا…؟ كيف ينحرف بث مباشر لمن يعتبر نفسه “فقيها” في الدين، في هذا الوقت العصيب الذي تعيشه الأمة الإسلامية (إن كنتم يا شيخهم تعترفون بوجود أمة أصلا) إلى هاته السفاسف؟

يبدو أن صاحبنا اختلطت عليه الأمور، فظن أن لحيته هي دليل صدقه ومركز الكون. لا يا هذا، الشهداء في فلسطين ولبنان ضحوا بحياتهم وما زالوا، وأنت تجعل التضحية بلحيتك موضوعا لبثك المباشر؟ إن كنت لا تستحيي من بياضها، فعلى الأقل اذهب إلى “تيك توك” حيث التحديات الصبيانية وربح “الأسود” و”القرود” و”غرامات الشيخات”! ودعك من توزيع صكوك “الشهادة” و “تذاكر الجنة”، فهي أمور جلة وأكبر من الجلباب الذي ألبسك إياه أصحاب الحل والعقد في هذا البلد، بل أكبر معصية عند الله إن كنت تعلم!

قد أستطرد في رسالتي هذه إليك حتى أكتب أكثر من عمود، لكني، عملا بنصيحة الفقيه العلامة الذي تتلمذت على يديه “سيدي عبد السلام حادوش” رحمة الله عليه الذي أوصاني مازحا وهو يعلمني القيادة أن أبتعد عن كل ذي لحية سائقا كان أو راجلا، سأتوقف هنا. والحقيقة أني بك لا أعني سوى “الجارة” … ليس الجارة “الهوكية”، لكن الجارة التي بوأتك منبر مسجد “كاسا باراطا” لتخطب في الناس، وتصلي ذات جمعة من 2014 “بأمير المؤمنين”  بعدما أسكنتك فيلا “الخلوة الشرعية” المؤثثة غرفة نومها بالأثاث الإيطالي، داخل سجن “ست فيلاج”، مكافأة لك على “دور الشيخ السلفي الجهادي” في أحداث 16 ماي الإرهابية، الذي لعبته بإتقان والشهادة لله.

ليس عندي مشكلة أن أؤذن في مالطا، لأن من يحرك هاته الكراكيز لا يستوعب لا لوما ولا نصحا، ومع ذلك سأبقى على عهدي مع نفسي وأمام الله؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس. بعد “طوفان الأقصى” الذي فضح كل شيء وعرى كل من لبس لباسا غير لباسه بيننا، لا مجال اليوم للاعتماد على الأوراق المحروقة أمثال “شيوخهم”، وعلى أوراق التوت “المثقوبة” لستر عورات الفاسدين المفسدين، ومن في مقامهم من متصهينين ودعاة فتنة، فالدين لله ولا يحتاج لمن يدافع عنه، والدولة للشعب وإن لم يحمها الشعب نفسه لن يحميَها أحد.

أكيد أن “الدولة” بحاجة أكثر إلى من يزرع الثقة وليس إلى من يزرع الفتنة والشقاق والنفاق، وإلى العقلاء بعيدي الرؤية بدل السفهاء الذين لا يرون أبعد من فرجهم، وإلى أصحاب النفوس القوية وليس إلى من يميل مع ريح الترهيب والترغيب، والأهم إلى الأحرار بدل العبيد.

 

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا