انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

سي محمد الخصاصي ….الفخر المستمر

أتاي الاحد

بسمة نسائية/ منبر بسمة

بقلم: عبد الرفيع حمضي

رحم الله السفير سيدي محمد الخصاصي، فعندما كنا نتابع اللقاءات التكوينية ونحن تلاميذ بالشبيبة الإتحادية بوزان في  أواخر السبعينات، كان اسم محمد الخصاصي المنفي آنذاك مألوفا عندنا، من كثرة ما رواه لنا الرواد من حكايات ومواقف سياسية بطولية للرجل، حيث كان ثمنها غاليا في ذلك الوقت، قبل أن يحل زمن (الريباخا solde  في العمل السياسي). وكنا نفخر ونحن نعيد رواية ما سمعناه على التلاميذ في القسم مع زيادة من عندنا طبعا.

وفي الثمانينات بجامعة سيدي محمد بن عبد الله وهي في عز مناعتها وصلابتها وبساحة ظهر المهراز، حيث حلقات النقاش لا تتوقف ليل نهار، وهي تناقش وضعية وأزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد فشل المؤتمر السابع عشر، مسترشدين بالتاريخ. وكلما عاد المتدخلون من كل الفصائل – اليسارية طبعا – إلى التاريخ وبالضبط الى المؤتمر الثالث عشر لسنة 1970 حيث قاد سي محمد الخصاصي هذه المنظمة الطلابية العتيدة في عز الصراع السياسي ببلادنا- حيث كان الهالك إدريس البصري نفسه لازال يتتلمذ على يد أفقير والدليمي – فكان كلما نطق اسم سي محمد الخصاصي بحلقات النقاش إلا  ونشعر نحن الطلبة الاتحاديين بالفخر.

وبعد ذلك بسنوات عديدة شاءت الظروف ان ألتقي مع سي محمد عدة مرات. انتقيت لكم ثلاث حكايات، ليست بالضرورة هي الأهم لكنها بالتأكيد هي الدالة.

الأولى: انعقد المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 2012 في جو من النقاش، إن لم أقل من الصراع الداخلي الحاد حيث أطراف الصراع أصبحت بارزة مع تغير في الأهداف والخلفيات. وبينهما عدد كبير من الاتحاديين يقرؤون اللطيف وصوت حالهم يقول (الله يخرج الأمور على خير)، وكان سي محمد الخصاصي لسوء حظه وحسن حظ الحزب، رئيسا للجزء الأول لهذا المؤتمر. ولكم أن تتخيلوا حجم الديبلوماسية المطلوبة من ليونة حينا وحزم حينا آخر. مع الإشارة أن الاتحاديين ليسوا رحماء على بعضهم لحظة الصراع.

وخلال أيام هذه المحطة التنظيمية، كم من مرة اختنق المؤتمر في عنق الزجاجة ولم يخرج منها إلا بحنكة وخبرة سي محمد وتقدير الجميع له.

وفي واحدة منها كانت القاعة الكبرى تغلي وعدد من المؤتمرين يتدخلون بدون إذن الرئيس ومعهم شباب يرددون بعض الشعارات مستعملين مكبر الصوت micro baladeur وسادت الفوضى، وسي محمد يطلب منهم الانضباط والهدوء واحترام الرئاسة، وهو يعلم جيدا خلفية هذا الضجيج وهذه الحكاية الممتدة خيوطها لخارج قاعة المؤتمر. وكنت لحظتها واقفا امام المنصة فقلت له: الأخ الرئيس اضغط على الزر لإيقاف مكبر الصوت لتهدئة الوضع، واعدتها ثلاث مرات. حينها نظر الي وقال لي (واش الأخ حمضي هذا النوع من الصراع الحزبي غادي يهدئ بالضغط على الزر؟) صمت برهة وعدت إلى مكاني وأنا أقول هدي قراية كبيرة.

الثانية: عندما امر جلالة الملك محمد السادس بسحب السفير المغربي بدمشق بعد اعتداء موالين للنظام على مقر السفارة المغربية، واهانة العلم الوطني، وعاد محمد الخصاصي إلى الرباط يوم 18 نونبر 2011 في حين غادر نبيه إسماعيل السفير السوري الرباط. التقيت معالي السفير في بيت صديق مشترك مع عدد من الضيوف في نفس أسبوع عودته. وحين كنا نستمتع (بأتاي وكعب غزال والهبيلة )، شرع  سي محمد يتحدث عن بداية الأزمة السورية وكان الجميع يتابع باهتمام، حيث قال ما مفاده، إن نقطة التحول فيما يقع بسوريا في تقديره هو ما حدث في محافظة درعا بالجنوب على الحدود السورية الأردنية، عندما أعتقلت الشرطة في فبراير 2011 مجموعة من التلاميذ كتبوا على  سور مدرستهم ما كتبوا  فخرج الأهالي يتظاهرون ويطلبون إطلاق سراح أطفالهم . فذهب عند محافظ درعا، أعيان ووجهاء المحافظة فاستقبلهم. وبعد ترحاب وضعوا فوق مكتبه غطاء رأسهم المتكون من طاقية قطنية بيضاء اللون وفوقها الشماغ والعقال (ها العار بالمغربية) راجين منه إطلاق سراح أطفالهم وهو تقليد ذو أهمية قصوى لا يرد فيه طلب عند أهل درعا. لكن المحافظ رفض بدون تأدب. وبعد ذلك قال رئيس امن درعا للأهالي: “عليكم إنجاب أطفال اخرين”، فقامت القيامة وفتحت باب جهنم.

ورغم أن العالم كله كان ينتظر سقوط النظام السوري في اية لحظة، خاصة أن بنعلي كان قد رحل والقذافي قتل، لكن سي محمد الخصاصي كان له رأي آخر وقال حينها  في 2011 :”بشار لن يسقط “. وهذا ما حصل.

الثالثة: في فبراير 2020 كانت والدتي رحمها الله نزيلة بإحدى المصحات الخاصة بالرباط وكانت وضعيتها قلقة. وفي نفس يوم دخولها نقل سي محمد رحمه الله إلى نفس المصحة بالغرفة المقابلة لغرفة والدتي ولمدة عشرة أيام. وكنت أنا وإخوتي نتناوب على غرفته لمساعدته، ولكن اساسا لتكسير صمت المصحة وألم المرض. ورغم أن وضعيته كانت صعبة على مستوى استعمال أطرافه إلا انه كان مبتسما ودودا وذاكرته يقظة. نحكي شذرات عن مراكش وسوريا والمقام بالعراق والاتحاد الاشتراكي. وكان يسأل عن وضعية أمي في كل لحظة حتى أنه قال لي مرة، أريد ان أرى هذه الأم التي أنجبتكم. لكن لا وضعه سمح ولا عجزها يَسَّر. رحمهما الله وإنا لله وإنا اليه راجعون.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا