أزمة الماء… التيمم افضل
من العبث والاستهتار، ربط أزمة الماء بالمواطن البسيط وبالحمام العمومي وغسل السيارة.
بسمة نسائية/ منبر بسمة
بقلم: عبد الرفيع حمضي
“أنا منذ ان خلقني الله وانا كا نقتاصد في الماء ،كنتوضا وكا نجمع الماء لي كيهاود من الروبيني في الغراف وهذاك كنغسل به رجلي في السطال ولي في السطل تنكبو في …….”
شرف الله قدركم ، المقام لايسمح باستكمال الكلام.
هذه ليست دردشة بين مروض للقرود وقارئة الكف، تحت مظلة واقية من الشمس بساحة جامع الفناء بالمدينة الحمراء، في انتظار ان يتوافد الزوار اكثر بعد صلاة العصر لتبدأ الفرجة والحلقة والحكي ….
وانما هو تصريح لقائد سياسي في فضاء سياسي لهيئة سياسية دبرت شؤون البلاد والعباد وقاومت العفاريت لمدة عشر سنوات. والمناسبة هي الحديث على اخطر أزمة مائية تعيشها بلادنا والتي من شأنها ان تنقلنا من دولة تعيش الإجهاد المائي إلى دولة تنزل إلى ما دون عتبة ندرة المياه. خاصة ونحن في السنة الخامسة للجفاف وقلة الغيث.
فأين نحن من 70 يوم مطر في الشمال و30 يوم في الجنوب سنويا.؟ كيف أصبحت حصة الفرد اقل من 650 متر مكعب سنويا بعدما كانت 2500 م3 ؟
ماذا حصل لسدودنا التي فكر فيها بنظرة استباقية ثاقبة لضمان الامن الغدائي، ولم لا المائي ؟ هل استنفدت جزءا من أدوارها ام استنزفت حقينتها في زراعة غير ملاءمة لمناخنا؟ ولازلنا نستورد الان اكثر من 40 % من حاجياتنا من الحبوب في سنة عادية؟ أي أن كل مغربي يستورد 90 كيلو من القمح (الخبز).
هذه الاسئلة وغيرها كثير، هي التي تنشط ساحة النقاش العمومي الان ببلادنا وهو. نقاش يبقى صحيا ويعبر على يقضة المجتمع وحيويته ومن شأنه ان يصبح عنصرا في ادماج المواطنين ومشاركتهم في بلورة سياسة عمومية استدراكية ومفتوحة على المستقبل.
شريطة – في تقديري –
– أولا تجاوز التحليل التقني والتيقنقراطي للموضوع والذي ان الأوان لإعادة تأطير أصحابه وحصر دورهم في توفير المعطيات التقنية وفي تنزيل رؤية مجتمعية وخيارات دولة تؤخذ القرارات بشأنها في فضاءاتها المعروفة ضمانا لمشاركة المواطن وانخراطه في تفعيل كل استراتيجية محتملة للسياسة المائية، وابضا تيسيرا لما يترتب على ذالك من مسؤولية وربطها بتقديم الحساب عند الضرورة .
-ثانيا : إحجام السياسي من مواقعه المختلفة – الحكومية والبرلمانية والجماعية والحزبية – من الاستهتار بالموضوع وتمييع النقاش حوله وانما الارتقاء بقضايا الماء إلى مستوى القضايا الوطنية والسيادية الكبرى لبلادنا .
-ثالثا: على الفاعل العمومي استحضار في كل سياسة تواصلية أن مغرب اليوم به رأي عام حقيقي فإما ان تخاطبه في مستوى يليق بذكائه الجماعي وإما انه يبحث عن مصادر اخرى وما أكثرها وبذلك نكون خلقنا قوة معاكسة مشككة في كل ما هو رسمي خطابا وأفعالا وسياسات عمومية حتى.
“مرة دخل احد المساعدين على الرئيس الفرنسي ديكول وقال له مون جينيرال هناك حالات شغب بالجزائر والرأي يطالب … فقاطعه ديغول بقوة وقال له بتهكم ليس هناك راي عام بالجزائر هناك قطيع فقط “.
وعليه فسيكون من العبث والاستهتار، ربط أزمة الماء بالمواطن البسيط وبالحمام العمومي وغسل السيارة.
لابد من نقاش مجتمعي هادئ وكل من موقعه التقني تقني والسياسي سياسي والأكاديمي أكاديمي وكل خلط للأدوار يضخم المشكلة كما هو الحال بعد أكثر من 60 سنة من الاستقلال.
هل لازال الرهان على الفلاحة قائما؟ وأي نوع من الفلاحة؟ هل تشجيع المخطط الأخضر لنوع من الزراعات المستهلكة للماء كان في محله؟ حتى انتقلنا من 2000 هكتار لزراعة الدلاح سنة 2008 إلى 10 آلاف هكتار الان.
هل كان ضروريا دعم السقي بالمياه الجوفية؟ في الوقت الذي كل الأرقام ومنذ زمان، كانت تشير ان فرشتنا المائية لا تتجدد كاملة وأننا بلدنا من بين 22 دولة التي تعرف إجهادا مائيا .وان عدد الأيام الممطرة ونسبتها تتراجع منذ سنين وان درجة حرارة الجو تغيرت وأننا احتضنا القمة العالمية للمناخ COP 21 وقدمنا كبلد في حينه روية فلاحية لأفريقيا معتمدة على التكيف adaptation .
هل كان ضروريا محاصرة الحواضر الكبرى (بالفيرمات) التي استنزفت المخزون المخصص للشرب؟ وقبل هذا وذاك هل استراتجيتنا الفلاحية مبنية على رؤية التنمية المستدامة وتستحضر الأجيال المقبلة أم فقط على منطق الهمزة والقفوزية ؟
هل الخلل في تدبير 87% من مواردنا المائية المخصصة للفلاحة؟ أم في حكامة 10% للتزود بالصالح للشرب؟ او هما معا؟.
أما الذي يتعب في الوضوء من أجل استعمال نفس الماء لغاية اخرى فهو يعلم ان التيمم افضل وبذالك يضمن الماء في الدنيا والاجر في الآخرة .
كلميم في 14 فبراير 2024