انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

من قصيدة “قارئ الدم”..

الشاعر: بدر شاكر السياب

بسمة نسائية/ منبر بسمة

إني شببت مع الجياع، مع الملايين الفقيرهْ

فعرفت أسرارًا كثيرهْ

كل اختلاجات القلوب وكل ألوان الدعاءْ

إغضاءة المقل الضريرهْ

يتطلع الدَّمُ في ظلام جفونهن إلى الضياءْ

والحاملات نذورهنَّ إلى قبور الأولياءْ

الموقدات شموعهن تلق ألسنها الكثيرهْ

كِسَر الرغيف ويعتصرن دم الثّدِيِّ إلى الذماءْ

وتأوُّه المستنقعات وزفة البرديّ فيها

وطنين أجنحة البعوض كأنّ غرقى ساكنيها

يتنفَّسون من القرار ويضرعون إلى السماءْ

أن ينجو الأطفال من غرق وحُمٍّى في الهواءْ

وملالة الأكواخ تشرب كل أمطار الشتاءْ

حتى تغصّ بها فللقصب النقيع بكل ماءْ

شهقات محتضرٍ يُغر وإن تقيأ بالدواءْ

وتنهّد الأشجار عطشى يابسات في الظهيرهْ

تتكسر الورقات فيها والمناقير الصغيرهْ

فكأنّ مقبرة الهجيرهْ

تمتصُّ من رحم الحياة لتسقي الموتى عصيرهْ

** **

أنا قارئ الدم لا تراه وأنت أنت المستبيحُ

أفلست تجرؤ أن تحدّقَ فيه علَّكَ تستريحُ

من ازديادِ دمٍ تذرُّ على جفونك منه نارْ

لزج يسلُّ مع الرقاد كأنّ بؤبؤك الذبيحْ؟

قابيل حدَّقَ في دماء أخيه أمس

وأنت يأخذك الدوارْ

من رؤية الدم وهو ينزف ثم يركدُ فالغبارْ

من تحته كفم الرضيع له اختلاج وافترارْ

أتخاف أن تطأ النبوءة مقلتيك “هو الدمار”

أتخاف منها أن تفرَّ كأن سرب قَطًا يثارْ

فأنت مع هلعٍ تخضّ إلى المشاش “هو الدمار”

إني خبرت الجوع يعصر من دمي ويمص مائي

وعرفت ما قلق الطريد يكاد كل فم ورائي

يعوي بـ “ها هو ذا” وتوشك كل عين ألتقيها

أن يومضَ اسمي في قرارتها وجهلي بالدروبْ

ولست أسأل عابريها عن بعيدٍ عن قريبْ

من منتهاها واكتئابي والحنين مع الغروبْ

وتوقع المتعقبين خطاي أحسب في صداها

وقع الخطى وأكاد ألتفت التفاتة مستريبْ

ألا تشدّ يدٌ على كتفي وأوشك أن أراها

أعرفت ذاك؟ فسوف تعرف منه دنيا في مداها

تصطف أعمدةٌ عوابسُ ثم تسمع من يصيحْ:

“هو ذا يساق إلى الحساب.” كأنما اطَّرحت رِداها

جثثُ القبور، كأن صوتًا من لظى حملته ريحْ

من كل أودية الجحيم هوا … ه!

*من صفحة الصديق المناضل محمد فكري

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا