هل سيرفع الحيف فعلا عن أيتام الموظفة المتوفاة؟

بسمة نسائية/ مجتمع/ قانون
نفض الغبار قبل يومين، عن النقاش القديم/ الجديد حول المقترح المتعلق برفع الحيف عن أيتام الموظفة المتوفاة، جراء مقتضيات قانونية تتعامل مع معاش الموظفة المتوفاة بمسطرة مغايرة للمعاشات المعمول بها بالنسبة للموظف المتوفى.
.فقد أكدت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور، في جلسة بالبرلمان، وردا على أسئلة المعارضة، أنه بموجب نظام المعاشات المدنية، تُخول لزوج وأولاد وأبوي المرأة، الموظفة الحق في الاستفادة من المعاش الآيل لها بعد وفاتها وفق الشروط والقواعد المحددة قانونا بالنسبة لذوي حقوق المنخرط، ولا يحرم أي واحد منهم من هذا الحق، مسجلة أن “استفادة أيتام وزوج الموظفة المتوفاة من المعاش مضمون بموجب القانون رقم 011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية”.
ومعروف أن مستحقات الموظف الرجل تصرف في حالة وفاته للأرملة والأولاد مباشرة والأبوين في حالة ما إذا كان يعولهما، وذلك خلافاً للموظفة المتوفاة التي يقتصر الأمر على صرف رصيد الوفاة لفائدة ذوي الحقوق، وليس من خلال معاش شهري مستمر على غرار ما هو منصوص عليه بالنسبة للرجل. وهو ما يعني أن القانون كان يتجاهل المبالغ المقتطعة للمرأة، والتي تتساوى مع ما يقتطع من راتب الرجل”.
عن هذا الموضوع وفي تصريح للسيدة أمينة أملي، رئيسة جمعية الأيادي الحرة ل”بسمة نسائية”، والتي اشتغلت على هذا المطلب منذ سنوات، قالت:” هو خبر جيد وأساسي، ويتماشى مع مضامين الدستور ومبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، وهو ما كنا نطالب به، فالأصل هو التعامل مع هذه الاقتطاعات بالنسبة للمرأة والرجل (الموظف والموظفة) بنسق موحد وواحد لما فيه مصلحة الملزمين وذوي الحقوق”. إذ كيف يعقل إنه في حالة وفاة الزوجة الموظفة كانت تؤجل استفادة الزوج إلى حين بلوغه سن التقاعد المعمول به قانوناً، وهو ما يحرم أبناءها اليتامى وأبويها من هذا الحق كلياً، بمبرر أن المرأة غير مكلفة بالإنفاق على أسرتها”.
ولكن، ومع هذا الخبر السار والمهم والذي لا يمكن إلا أن نرحب به، يبقى الأهم، هو في الأجرأة والتنزيل، إذ يطرح السؤال إلى أي حد هناك فعلا مساواة على هذا المستوى؟ لأنه لغاية الآن، لسنا مطمئنين، فالموضوع عرف نقاشات كثيرة، ولكنها ظلت غير واضحة.
وبالتالي التنزيل الحقيقي لهذا القرار، يجب أن يبدا بتبسيطه ويعلم الكل به، مع توضيح بعض النقط مثل ما جاء في تصريح الوزيرة، بأن مبلغ معاش الأيتام يساوي 50 بالمئة من معاش التقاعد المستحق للأم المُتَوفاة. والرجل لن يستفيد حتى يصل سن التقاعد، كلها أمور يجب التدقيق فيها. وشخصيا لازلت اشعر بان هناك فرق بين الرجل والمرأة بخصوص هذا الموضوع. كل هذه الأسئلة يجب توضيحها إما بنصوص تنظيمية أو بمراسيم واضحة. لأننا نفرح في بعض الأحيان ونرحب، بمثل هذه القرارات والقوانين التي تأتي لرفع الحيف عن المرأة، على غرار مع وقع مع مدونة الأسرة سنة 2024، فرحنا بالاستثناءات وفرحنا بالمادة 49 (المتعلقة باقتسام الممتلكات)، ولكن، حين نأتي للواقع نجد عدم وضوح النص في التطبيق وأيضا بعض النصوص ونعطي مثلا المادة 49، تفترض وعي المرأة بالقانون والحال أن أغلبية النساء ليس لديهن معرفة بالقانون. وبالتالي نجد أن 80 إلى 90 في المئة من النساء، لم يستطعن عند الطلاق، تحقيق هذا المطلب. فعند الزواج ليس هناك أي وثيقة لاقتسام الممتلكات مرفقة لوثيقة الزواج.
ويظل التخوف قائما حسب أمينة أملي، حول كيف سيكون تطبيق استفادة أطفال وزوج الموظفة المتوفاة من معاشها، وهل سيكون بنفس مستوى الرجل. مع التأكيد أن المطلب الأساسي، تضيف أملي، هو وضع حد “للتمييز والحيف والإجحاف” الذي يطال ذوي حقوق المرأة الموظفة المتوفاة.
المسؤولة الحكومية غيثة مزور، أوضحت في معرض تدخلها أمام نواب الأمة، أنه بالنسبة لزوج الموظفة المتوفاة، يستفيد من معاش زوجته إذا توفرت فيه الشروط المطلوبة، وبنفس النسبة التي تستفيد منها الزوجة في حالة توفي الزوج الموظف. ويساوي مبلغ معاش الزوج 50 بالمئة من معاش تقاعد زوجته ويستفيد منه ابتداء من فاتح الشهر الذي يلي تاريخ بلوغه حد سن الإحالة على التقاعد.
وفي حالة ثبوت عجز الزوج عن العمل بصفة نهائية، فإنه يستفيد حسب وزيرة إصلاح الإدارة، من المعاش المذكور ابتداء من فاتح الشهر الذي يلي تاريخ ثبوت عجزه النهائي عن العمل، بينما يحول حقه في المعاش إلى أولاده ويقسم بينهم بالتساوي في حالة وفاة الزوج أو سقوط حقه في معاش زوجته، إما بسبب الزواج من جديد أو الحكم بعقوبة جنائية.
وإضافة إلى المعاش، يستفيد أيتام الموظفة الذين يقل سنهم عن 21 وكذا زوجها، من رصيد للوفاة يؤدى من الميزانية العامة للدولة لمساندتهم في مصابهم الجلل. ويساوي مبلغ رصيد الوفاة أجرة سنة كاملة معفية من الضريبة على الدخل، علما أن مبلغ رصيد الوفاة هو نفسه المبلغ الذي يؤدى لأبناء الموظف الرجل.
وسجلت مزور، أن المعايير المعتمدة حاليا في مختلف أنظمة التقاعد ببلادنا تتميز بالتباين في تحديد الحقوق والوجبات، مما يوجب العمل على توحيدها لتصبح أكثر ملائمة، معلنة أنه من المنتظر أن تتم معالجة هذه التباينات بين أنظمة التقاعد في إطار الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، والذي يروم خلق انسجام أكبر بين طرق اشتغال الأنظمة، بما في ذلك الجانب المتعلق بالاستفادة من التعويضات المخولة للمنخرطين وذوي حقوقهم. ويبقى السؤال معلقا:” هل سيرفع الحيف فعلا عن أيتام الموظفة المتوفاة؟.