
بسمة نسائية/ منبر بسمة
تقديم هاديا سعيد للكتاب ..لخص كل شيء تقريبا..في كلمات قليلة ..
“شيء مني” .. عنوان يصلح أيضا لديوان شعر أو قصيدة غنائية… و هو نفس العنوان لأغنية رومانسية شهيرة “شيء مني”… للفنان الكبير ..كاميليو سيسطو..
كتبت هاديا سعيد ..جميلة و بسيطة وعميقة هذه التوليفة..التي أبدعتها في كتابات شذرية تبدو للوهلة الأولى خواطر شخصية..لكنها سرعان ما تدهشنا و هي تقدم خارطة جديدة ..تأخذنا من المغرب إلى قارات العالم…و تعيدنا بزاد وافر من اللقطات الإنسانية…
سميرة مغداد هي هذه التي إكتشفتها هاديا وغيرها من الكتاب والكاتبات المغاربة و العرب من بداياتها الأولى في الصحافة و قد جاءت من طنجة إلى الرباط في كامل عنفوانها وحلمها..
سميرة في هذا الكتاب طوحت و طحطحت بنا من طنجة و حومة بلجيكا..الرباط والريف ..القرية وهولندا وغيرها من الفضاءات..
و كانت جولات بمذاق المتعة والألوان والروائح و الشخصيات المتنوعة المسارات والأماكن ..
الكتاب في رأيي يشبه سيرة ذاتية مكتوبة بشكل دومينو أو بوزل …يكفي الربط بينها للتحول إلى مؤلف سير ذاتي بما يحمل من واقع وحقيقة معاشة وخيال وأشخاص وبوح..و إعترافات..
في هذا الكتاب…شيء من سميرة الصحافية الكاتبة و شيء من حكايات الآخرين …من رافقتهم في عملها وحياتها و شخصيات عامة معروفة ذات صيت…
ياسر عرفات…أم كلثوم…محمد شكري..
وليد الركراكي..ولد الناس..
عبد السلام ياسين و رحيله ..
ليلى الطرابلسية الكوافورة …
رقية أبو عالي ..إمرأة تغسالين..
نصادف في الطريق أيضا الإتحاد الإشتراكي ..المحرر..
كيف يلبس بنكيران و بسيمة الحقاوي..
الأسلوب هو الرجل تقول الكاتبة و الاسلوب هي المرأة أيضا..
ثريا جبران و علاقتها بها..و مديح في سيدة المسرح المغربي..
سعد لمجرد ..الزوج الشريك بنيونس البحكاني ..عبد الرحيم بركاش الفنان رحمه الله ..
كوثر الصيدلانية مرشحة التراكتور والصدر العاري..الأعظم..
و كيف تسوق المرأة في السياسة..
علي أنوزلا….و إلياس العماري…الذي تقول الكاتبة أنني كنت السباق للكتابة عنه في مقال قائلا إنه سفير الحسيمة في الرباط..
هنا أريد ألا أنس الشجاعة التي كانت لها في نشر مقال عن أنوزلا و هو في السجن ينتظره حكم القضاء..
كانت جرأة و شجاعة أدبية ومهنية …
أتذكر إحساسي و أنا أفعل نفس الشيء وسط صمت القبور الذي ساد آنذاك..الجميع ضرب الطم ..
تطحطح بنا مغداد من قصة لأخرى…من مشاهدات..ذكريات ..الحومة الحي…الوالد سي عبد السلام ..بأخلاقه الرفيعة وصرامته…أعرف المناضل الإتحادي الريفي لأنه درسنا أستاذا في ثانوية مولاي رشيد..
تنتقل بنا في محطات عبور و سفر من موضوع لآخر …ليس في الكتاب خيطا ناظما…لكن ما يجمعه هو الراكور الذي يمكن أن يشعر به القارىء..بدون تعسف أو فو راكور بمعنى السرد في السينما التي تحبها الصحافية الكاتبة..
الكتاب باكورة أعمالها…هذه الكلمة لا أحبها…الباكور له 7 أيام..هذا كرموسة شريحة خاترة صالحة لاستعمالات مختلفة في الطبخ كما في العلاج من الزكام والحمى ..الكتاب لن يكون بيضة ديك ..كما أتوقع…
سيكون له ما بعده..لتبوح لنا سميرة ..إعترافات أخرى..ألم تكن أعمال كتاب كبار نصوص إعترافات ..الإعترافات سيدة الكتابة والأدب والصحافة..
ما قد أعتبره كقارىء زلة سهو في الكتاب في بعض اللحظات هو ..قفلة بعض مقالاتها و شهاداتها …لاشوت…
كانت سميرة تشد القارىء بشكل ممتع لكن أحيانا تترك حماسها في النهاية ..
الدهشة في النهاية لاشوط شيء رائع..و محرك مهيج للحواس..
تتحدث صاحبة الكتاب كثيرا عن الحب ..و المحبة و في نص من النصوص تضع الحب في جوف القلب..فكرت و أنا أقرأ أن القلب مكان الحب لأنه يخفق لكن الكبدة لها نصيبها العظيم من الحب…نحن الأمازيغ عموما غالبا ما نضع الكبدة مكان القلب في قضية الحب..لذلك تغنت بها حادة وعكي و شعر إيزران ومحمد رويشة و غيرهم..
أساينو ..كبرت وأنا أسمع أساينو من والدتي..سأعرف بعد وقت طويل أن الكلمة تعني …كبيدة ديالي..
الحب حلوو…لكن أحيانا ممكن أن يكون حارا..مرا..هكذا تقول في سياق مقال ..
ثم في مكان آخر تعترف..مدينتي المهنية الرباط..و مدينتي الروحية ..طنجة..
إن المؤلفة في كثير من المقالات تظهر أنها منتبهة بركاكة بالمعنى الثقافي والفكري..
شيء منك هذا الطبق الشهي الكتاب..كما هي مقالاتك عن الأكل والشهيوات والحلوى وقيمتها الإنسانية .. للحلويات قيمة إنسانية لدى الصحافية مغداد.. غزل البنات..وكعب غزال..والخبز البلدي و غريبية..لهبيلة و الشامية ..الحلويات والوجبات التي لا تنسى…رائحة و ذوقا ..
هذه ليست باكورة..كما يقال عن كاتب أو كاتبة مبتدئة..لقد عاشت الكاتبة حياتها و لازالت وسط أقسام التحرير و الصحافة المكتوبة..إنها في حديقتها ..إنها في مطبخها..في مهنتها و هوسها..
هذه وجبة مغذية تشتهى في الصيف و في الشتاء..
هذا عمل جميل ممتع ..هنيئا لك سميرة..الكاتبة الحالمة و المناضلة..