اخبار بسمةالسلايدر
باسم بريش: سعيد بجائزة مهرجان تطوان ومن مدينة أغرمت بها…

بسمة نسائية/ سينما/ مهرجان تطوان
عزيزة حلاق
ونحن نتابع أفلام المسابقة الرسمية في الدورة 28 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت في مجملها قوية ورائعة، كنا كمتتبعين ومتتبعات، ومن خلال دردشات على الهامش، عقب انتهاء العروض، نطرح كل من وجهة نظره، أحقية فوز فيلم بعينه.
ومن بين الأعمال التي تركت صدى كبيرا وسط الجمهور النسائي بالخصوص، وتوقعت شخصيا حصوله على جائزة من جوائز المسابقة، فيلم “بركة العروس” للمخرج اللبناني باسم بريش، الذي حصد بالفعل، واحدة من الجوائز المهمة في المسابقة، وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
مع الإعلان الرسمي عن أسماء الأفلام الفائزة في هذه الدورة، سألت “بسمة نسائية”، المخرج باسم بريش كيف تلقى خبر الفوز هذا، خاصة وأنها أتت من لجنة تحكيم ضمت أسماء وازنة في المشهد السينمائي، وهل كان يتوقع هذا التتويج؟ فأجاب:”
كان خبر الفوز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة جميل جدا، وخاصة وان الجائزة أتت بعد أسبوع رائع أمضيته في تطوان هذه المدينة الجميلة. صراحة، كانت هناك أحاديث كثيرة عن إمكانية الفوز بجائزة، لكن في المهرجانات عادة ما يحدث الكثير من القيل والقال، لذلك أحاول ألا أستمع وألا أرفع من منسوب التوقعات، فالخيبة قد تأتي قاسية، وإن صدقت التوقعات فذاك أمر جميل جدا. وذاك ما كان، خاصة وأن جائزة مهرجان تطوان، أتت من لجنة تحكيم مؤلفة من شخصيات مهمة في عالم السينما.
وطبعا جائزة لجنة التحكيم، لها قيمة عالية ومكانة غالية على قلبي خاصة من مدينة أغرمت بها وبناسها وببحرها، وقضيت بها أسبوعا رائعا، وسأحمل معي إلى بلدي لبنان حيث أقيم، ذكريات جميلة وأصدقاء جدد، تطوان كانت كريمة معي، سأعود إليها قريبا.
قراءة في فيلم “بركة العروس” :
تمكن المخرج باسم بريش في هذا الفيلم، كما قالت عنه الناقدة المصرية أمل الجمال، أن يجعل المتلقي يعتقد أن القصة من اخراج امرأة، لتمكنه من تشريح دقيق لأحاسيس وعواطف المرأة في كل حالاتها النفسية، ولقدرته على نسج مشاهد تتقاطع فيها تحولات الطبيعة مع الحالة النفسية لشخصية البطلة، من ربيع زاهر جميل إلى خريف كئيب وبارد، بين حالة الحب والتوهج وبين الحرمان العاطفي والانكسار، بين الاستقلالية الذاتية والتبعية المجتمعية.
يرصد الفيلم قصة سلمى، أدتها باقتدار ملفت، الممثلة كارول عبود، التي تظهر وكأنها تستمتع باستقلاليتها وبحياتها رغم وحدتها، تعيش علاقة حب ممنوعة اجتماعيا، تسرق لحظات من المتعة والانتشاء، وتعود مسكونة بصراع داخلي بين الرغبة واكراهات المجتمع. تم تظهر ابنتها التي تعود بعد غياب طويل، منكسرة، وقد قررت الطلاق وكرهت الرجال.
تبدو العلاقة متوترة من أول مشهد بينهما، يلتقيان كغريبتين، يتعايشن مرغمات، في صمت. نفهم من خلال برودة علاقتهما، وتعابير وجه الأم القاسية تجاه ابنتها، أن البنت كانت ربما نتيجة حمل غير مرغوب فيه، وظلت عقدة حياتها لم تبرأ منها.
مكالمة هاتفية، نستخلص من خلالها، أن البنت حامل وترغب في إسقاط جنينها، تم تظهر وهي في حالة وجع وألم، في لقطة استعطاف صامت، والأم بجانبها، تنتصر داخلها غريزة الأمومة لأول مرة، فتمد يدها وتضعها على بطن ابنتها المكشوف، تتصاعد أنفاس البنت، فتتشابك أياديهما على الجزء السفلي من البطن، فيبعثان في تواطئ على الموضع دفئا يتعاونان على فركه للتخلص من هذا الألم الفظيع.
فهل هي بداية دفء وانتعاش لعلاقتهما؟ سؤال تركه المخرج باسم بريش مفتوحا، في المشهد الأخير وهما يرتشفان القهوة، على طاولة واحدة، لكن كل واحدة منهما تنظر في اتجاه…
باسم بريش، قال في تصريحه قبل العرض، ستشاهدون فيلما صامتا، ولتوضيح ذلك قال بعد العرض، إن تجسيد شخصية ترصد الوحدة وما تعانيه من آلام داخلية يستلزم على المخرج أن لا تقتصر الحالة على الممثل فقط بل ما يحيط به من ديكور وملابس وإضاءة ووضع الكاميرا نفسها، فكل هذه العناصر تصل إلى المشاهد بإحساس أكبر حتى من دون نطق أي جملة”، وهو ما لمسناه بالفعل. إذ كانت الصور والمشاهد ناطقة أكثر من الحوار.
الفيلم يحمل عنوان “بركة العروس”، وقد جرى تصوير بعض المشاهد في هذا الفضاء الطبيعي الرائع، الموجود بالفعل، والمرتبط تسميته حسب ما كشف عنه المخرج، بقصة في المخيال الشعبي المحلي، بانتحار عروس ليلة زفافها في هذه البركة.
بقي أن نشير أن فيلم “بركة العروس”، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، لمهرجان تطوان لهذه الدورة، فاز بـ3 جوائز سابقا، وذلك خلال منافسته في مسابقة آفاق السينما العربية ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وتمثلت الجوائز الثلاث في جائزة صلاح أبو سيف (لجنة التحكيم الخاصة) وأفضل أداء تمثيلي لكارول عبود، بالإضافة إلى تنويه خاص بمسابقة أفضل فيلم عربي.
السيرة الذاتية للمخرج باسم بريش:
باسم بريش كاتب سيناريو ومخرج لبناني حائز على جائزة إيمي. منذ عام 2007، أخرج بريش ثلاثة أفلام قصيرة: “علعتبة” (2007) والذي عُرض لأول مرة في أسبوع النقّاد في مهرجان كان، “زيو” (2013) و”سايبة” (2014). كتب بريش عددًا متنوعًا من المسلسلات والأفلام: “شنكبوت” (2009)، “فساتين” (2012)، “أول الغيث” (2015)، “بدون قيد” (2018)، “أليفيا” (2019)، (vertu (2020 و”باب الجحيم”(2021). بريش هو مؤسّس ومدير سيناريو بيروت، و”بركة العروس” هو أول فيلم طويل له.