بين عقلانية المقاطعة ولا عقلانية الحكومة وشركاؤها، ما العمل ؟
تجلت عقلانية المقاطعة في الأمور التالية :
– اختيار شبكة التواصل الإجتماعي لإطلاق الحملة ونشرها وتوسيعها .
– استهداف ثلاث علامات تجارية احتكارية كبرى تعمل على تحديد الأسعار كما تشاء.
– المطالبة بتحديد أسعار معقولة تتماشى والمستوى العام للمعيشة لأوسع الفئات الاجتماعية بالمغرب .
– المطالبة بمنع الاحتكار وتنصيب مجلس المنافسة قصد القيام بدوره في الحد من جشع البعض على حساب البعض الآخر.
– السعي إلى فك الارتباط المقدس بين المال والسلطة وتبيان مخاطر ذلك على الاستقرار والأمن بمفهومهما الاجتماعي والسياسي العام.
– ظهور أشكال تعبيرية جميلة وبسيطة عبر الأشعار والموسيقى عبر من خلالها أصحابها عن حس فني وقدرات ابداعية ممتعة .
في المقابل بدت لا عقلانية الحكومة وشركاؤها المتنوعون فيما يلي :
– تجاهل حملة المقاطعة ثم الاستهزاء بها والسخرية منها ومن المداويخ والخونة واعضاء القطيع اللذين دعوا لها.
– البحث المتواصل عبر تصريحات هنا وهناك ومقالات مدسوسة عن يد خفية مزعومة تريد تصفية حساب زعيم سياسي يمتلك أكبر احتكار المحروقات في السوق.
– بدايات الاعتراف بوجود حركة ما اسمها المقاطعة في بلد اسمه المغرب مع استصغار حجمها ورمي اتباعها بالقطيع .
– تكرار الخروج الدرامي لوزير نصب نفسه مدافعا عن مصالح الشركة الفرنسية مهددا تارة ومتوددا تارة أخرى والمنع غير المباشر لأي مواطن أو مواطنة من المشاركين في المقاطعة من الظهور في التلفزة .
– عدم امتلاك الشجاعة الكافية لفتح حوار موضوعي ومثمر مع نشطاء المقاطعة واعتبار كلام الحكومة الذي تردده كمونولوغ كافيا وحده لإقناع الناس بالتراجع عن فعل المقاطعة
– التهديد بكون شركة أجنبية ستضع المفاتيح وتهاجر يدفع بنفس الشركة إلى تكذيب الكلام الحكومي وانطلاقها في حملة إغراء ” في حدود المخزون” تجاه الزبناء الذين صعدوا من حملتهم عبر السخرية والفضح.
– تحول استهانة الحكومة بحركات المواطنين الاجتماعية إلى اهتمام بالغ أثر جدا على أشكال تواصلها وأبان على ضعفها وغياب استراتيجية تواصلية خاصة بالأزمات، وبات موضوع المقاطعة مخترقا لمجالس الحكومة وتراشقات السياسين في غرفتي البرلمان.
– انجاز فضيحة التقرير حول المحروقات الذي كشف عن جزء من السرقات الكبيرة لأموال الدعم التي قدمتها الحكومة، وعجز هذه الأخيرة عن اتخاذ أي قرار أمام خوفها الكبير من اللوبيات والاحتكارات وانتظارها لتعليمات فوقية لا تريد أن تأتي .
هكذا إذن بين عقلانية منظمة لحملة ذكية اختارت عدم الصدام في الشارع مع قوى أمنية لا تعرف سوى لغة العصي والإهانة، فقد الجهاز التنفيذي كل عقلانيته المفترضة كمسؤول عن تدبير وإدارة السياسات العمومية في مختلف المجالات. وأصبحت الحكومة من جديد أكبر مدافع عن الشركات الكبرى عبر تخويف الناس من احتمال انهيار اقتصادي قريب قد يتفاقم بتراجع الاستثمارات الخارجية وهروب الرساميل.
أخيرا ..
في ظل غياب قوى سياسية ونقابية قادرة على جني ثمار المقاطعة وتحويلها إلى قوة ضاغطة لدفع الحكومة والاحتكارات التي أصبحت تمثلها بشكل علني نحو تبني اجراءات اقتصادية وسياسية جريئة- ها هي الوضعية تتحول إلى أزمة تتسع كل يوم وستنتج عنها أزمات أخرى لا محالة طالما استمرت الحكومة في سياسة النعامة ورمي المقاطعين بمختلف الأوصاف ليس أقلها تهمة ترويج لأخبار الزائفة.
الحصيلة عند بداية يونيو هي أن المقاطعة الجزئية نجحت في تحقيق أهداف غير متوقعة والحكومة رسبت تماما في إثبات قدرتها على تدبير الأزمة والتجاوب الموضوعي مع مطالب المقاطعين لو جزئيا.
اذا لم تتضح المخرجات السياسية والإقتصادية الموضوعية لمدبري الشأن الوطني فهذا يعني أن العمى السياسي والتعنت المخزني بكل ذيوله وتوابعه اتخذ القرار بالسير بالبلد نحو المجهول.