انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
الحدث

منصة المخزون في مواجهة حماقة الكابرانات

منصة المخزون والاحتياطات الأولية بجهة الرباط سلا، استراتيجية ذكية في مواجهة حماقة الكابرانات.

بقلم: عبد الله منصور

في زمن تتداخل فيه الكوارث الطبيعية بالتوترات الجيوسياسية، لم يعد بناء المنصات اللوجستية مجرد استثمار في العمل الإنساني، بل تحوّل إلى رهان سيادي يضمن الصمود الوطني في وجه كل الطوارئ. من هذا المنطلق، تأتي المبادرة الملكية الأخيرة، المتمثلة في إعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاقة إحداث منصة المخزون والاحتياطات الأولية بجهة الرباط- سلا-القنيطرة، كخطوة استراتيجية تتجاوز البُعد الإغاثي لتلامس عمق التحصين الأمني والجاهزية المتعددة الأبعاد.

المنصة، التي ستُنجز على مساحة 20 هكتارًا خلال عام واحد، وبميزانية تفوق 287 مليون درهم، تُجسد رؤية مغربية حديثة في بناء منظومة وطنية متكاملة لمواجهة الكوارث. مستودعات ضخمة، مهبط للطائرات المروحية، تجهيزات طبية ميدانية، معدات تصفية المياه، مولدات كهرباء متنقلة، وغيرها من الوسائل التي تجعل من هذا الفضاء أكثر من مجرد “مخزن”، بل “قاعدة صمود وطني”.

هذه الرؤية ليست مغربية خالصة فحسب، بل تتناغم مع تجارب كبرى في العالم: في الولايات المتحدة، تدير FEMA مراكز لوجستية لتدخل سريع في حالات الأعاصير والحرائق. في اليابان، توجد مخازن للطوارئ في المدارس والمراكز المجتمعية لمواجهة الزلازل. الصين وألمانيا وفرنسا بدورها أنشأت شبكات احتياطية للطعام، الأدوية، ومعدات الإنقاذ، كجزء من منظومة أمنها القومي. غير أن خصوصية المشروع المغربي تكمن في شموليته، وارتباطه بالسياق الجغرافي والسياسي الحساس للمملكة.

فالمغرب لا يواجه فقط خطر الزلازل أو الفيضانات، بل يعيش أيضًا على إيقاع تحرشات متكررة من الجارة الشرقية، التي اختارت – تحت حكم جنرالات “الكابرانات”– لغة التهديد والدعاية العدائية بدل الحوار والتعاون. في هذا المناخ المحتقن، تُصبح المنصات مثل تلك التي أُطلقت بسلا ركائز صلبة لأي تعبئة وطنية محتملة. صحيح أن المشروع لم يُعلَن عنه بصفته منشأة عسكرية، لكن تركيبته التقنية وطبيعة تجهيزاته تجعله مؤهلاً للتحول إلى دعم لوجستي للجيش، أو لإيواء مدنيين في حالات الطوارئ القصوى، بما في ذلك سيناريوهات الصراع المسلح.

الرسالة واضحة: المغرب لا يتجه نحو الحرب، لكنه يستعد لكل احتمال. وبينما تنشغل القيادة العسكرية الجزائرية في النفخ في طبول المواجهة وإغراق البلاد في صفقات تسلح عبثية، يختار المغرب طريق التعقل والجاهزية الذكية. فالصمود لا يُبنى بالشعارات، بل بالبنية التحتية، بالاستباق، وبالتحكم في أدوات إدارة الأزمات.

إنها إذن استراتيجية هادئة في ظاهرها، لكنها صارمة في جوهرها. تمزج بين البُعد الإنساني والحس السيادي. وبينما يرفع الكابرانات منسوب التوتر، يرد المغرب بإرساء منظومة متكاملة للسلام الداخلي… والسلام المسلح.

فهل يدرك جنرالات الجزائر أن المغرب يُعدّ العدة لا لإعلان الحرب، بل ليضمن أن لا تُفرض عليه؟ وهل يعون أن حماقتهم السياسية قد تجد نفسها، ذات يوم، في مواجهة وطن مدنيّ البنية، عسكريّ الجاهزية، ومحصّن بالإرادة والسيادة؟

ربما حان الوقت ليتعلّموا أن الحكمة، هي أعلى درجات القوة.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا