دنيا بطمة نجمة الكوسيب: ننتقدها ونتابعها!!

حديث بسمة/ عزيزة حلاق
أعترف بداية أنني لأول مرة أكتب عن دنيا بطمة. لم يسبق لي تناول أي خبر يتعلق بها، رغم إعجابي بصوتها وتأكيدي على تفوقها في أداء مختلف الألوان الغنائية، من الطربي إلى الشعبي. لكنني تفاديت الحديث عنها، لأن كل أخبارها وتحركاتها وحياتها، لا علاقة لها بالفن، بل عبارة عن مادة دسمة لمن يبحث عن صحافة الإثارة، أو ما يُسمى بصحافة الكوسيب، الكلمة الانجليزية “Gossip” و التي تُستخدم للإشارة إلى النميمة أو القيل والقال، وغالبًا ما ترتبط بالحديث عن حياة الآخرين الخاصة، خصوصًا ما يتعلق بالفضائح والعلاقات الشخصية.
وهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عنها، بعد أن أصبح حضورها واكتساحها في السوشيال ميديا صاخبا لدرجة لا يمكن تجاهلها، خاصة مع ظهورها المثير والمستفز في مقاطع فيديو وصور التُقطت لها في شوارع لندن، لتؤكد أنها نجمة الكوسيب بامتياز.
فبعد أن كانت صحافة النميمة في السابق خبرًا ينقله الصحفي أو مصور “بابارازي”، بحثًا عن الإثارة، فقد تحولت مع بعض النجوم إلى مادة يبثها النجم بنفسه. هكذا ولدت ظاهرة “الترند الشخصي”، أو ما يمكن تسميته بـ”الكوسيب الناعم”. ويبدو أن دنيا دخلت هذه اللعبة بإرادتها الكاملة.
صحافة النميمة ليست ظاهرة جديدة. فقد ظهرت في الغرب منذ عقود، مع مجلات مثل People وHello، وخيرها، ثم انتقلت إلى التلفزيون عبر برامج ” تلفزيون الواقع”، تم انتشرت مع “اصطياد” أخبار الكواليس، وتسوق لما هو شخصي وسخيف وتافه، لكن بلغة لامعة وجذابة تحقق الترندات واللايكات في عالم السوشيال ميديا، من طلاق ممثل إلى قبلة في مهرجان، من فستان جريء إلى خلاف علني.
وإذا كان محمد رمضان هو النجم العربي الأول في هذه اللعبة، فإن دنيا بطمة هي النسخة المغربية الخالصة.
رمضان فنان احترف الجدل، يعلن أنه “نمبر وان”، ويصنع معاركه بنفسه. لا ينتظر أن تتحدث الصحافة عنه، بل يقدم لها الوجبة كاملة، صور، أغاني، خلافات، ردود، وحتى “كليبات شغب” مثل فيديو الطائرة أو رمي النقود في حوض السباحة. وظهوره مؤخرأ في أمريكا، بفستان الرقص الشرقي. محمد رمضان لا يعتذر أبدًا، بل يضاعف الجرعة، لأن الهدف ليس الاحترام، بل الاستمرار تحت الأضواء الكاشفة.
بالنسبة لدنيا بطمة، منذ ظهورها القوي في “آراب آيدل”، بدت وكأنها خُلقت للنجومية: واثقة، لافتة، حضور جميل على المسرح. عادت إلى المغرب كالعائدة من نصر مبين، وسط هالة إعلامية واستقبال جماهيري لم تحظ به أي مشاركة قبلها أو بعدها. لكنها لم تُحسن استثمار هذا الزخم طويلًا، فسرعان ما تحول حضورها الفني والإعلامي إلى مادة جدلية متواصلة، لا بسبب إنجازات فنية واضحة، بل بسبب سلسلة من الخلافات المتكررة مع فنانات، والتغيرات الجذرية في ملامحها نتيجة عمليات التجميل، ناهيك عن تفاصيل حياتها الزوجية التي خرجت إلى العلن، سواء عن قصد أحيانا أو عبر تسريبات أحيانا أخرى. ظهورها المتكرر بإطلالات مثيرة وخرجات غير محسوبة وكلام لا يليق بفنانة، كل هذا زاد من حدة الانتقادات، وترسخت صورتها كفنانة لا تتردد في إثارة الجدل، حتى ولو على حساب فنها. وهكذا، بدت دنيا وكأنها اختارت طريق الإثارة بدل التميز، فخسرت شيئا فشيئا ذلك التعاطف الجماهيري الذي رافق بداياتها.
لا تتجنب الصراعات، بل تغذيها. تختار البقاء في عين الإعصار، لأن الإعصار يضمن لها على ما يبدو سلطة الأضواء و وهم الشهرة.ليتحول اسمها إلى “ماركة للنميمة” بل هناك من جعل من اسمها “أصلا تجاريا”، ومن أخبارها مضمون محتواه الرقمي اليومي. خاضت معارك خاسرة، دخلت السجن بتهمة كلفتها سنة من حريتها وحياتها.
حين أفرج عنها، اعتقدنا أنها ستظهر بشخصية أكثر رقيا واتزانا، لكن ما رأيناه كان العكس، عادت أكثر جرأة، أكثر استفزازا، وأكثر إصرارا بأنها كانت وستبقى الصوت رقم واحد في صحافة الكوسيب.
أحدث تجليات “فن الكوسيب” عند بطمة كانت صورها الأخيرة في شوارع لندن. حتى من لا يتابعها، وجد نفسه يعلّق، يكتب، ينتقد، بل ينصح… وكأنها تجبر الجميع على الدخول في مشهد تؤلفه هي وحدها.
مظهر مفرط في الاستفزاز، وثقة عالية بالنفس، وكأنها تقول: “اكتبوا ما شئتم، لا يهمني، أنا حرّة…”
إنه زمن الكوسيب… حيث لم يعد النجم بحاجة إلى موهبة، بل إلى “دراما شخصية موسمية” تضمن له الحضور. لم نعد ننتظر ألبوما جديدا، بل استفزازا أسبوعيا، أو “لوكا صادما”، أو خلافًا عائليًا ساخنا.
في النهاية، بين من يراها انحدارا أخلاقيا، ومن يراها تسويقا عبقريا، تبقى “صحافة النميمة” واقعا حيا. قد لا تصنع وعيا أكيد، لكنها تصنع شهرة… وربما نفوذا مخفيا. و تفضح في المقابل، هشاشتنا كجمهور، نستهجنها علنا، ونستهلكها في الخفاء.
صرنا كجمهور نشبه من يتظاهر باتباع حمية صارمة ضد السكري، ثم يتسلل ليلا إلى الثلاجة بحثا عن قطعة شكولاطة نلتهمها خلسة، ثم نلعن علنا من أكلها!
إنها ببساطة صحافة الكوسيب، حيث الفضائح تحل محل الإبداع والجوائز، والضوء لا يحتاج إلى فن، بل فضيحة و إلى قفطان مفتوحححح أو لباس لاصق يعكس تصريحا مكشوفا بالممتلكات.