انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

 رجاء..ارحموا فتيات كيكو !!

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

جرائم اغتصاب القاصرات في المغرب: بين غياب الردع وتواطؤ الصمت

هزت جريمة اغتصاب 14 طالبة قاصر في قرية كيكو بإقليم بولمان الرأي العام المغربي، بعدما تبين أن أحد الجناة رجل درك والآخر فقيه، اغتصبا قاصرات، داخل منزل تستخدمه سيدة لممارسة الدعارة.

الحادثة التي أثارت موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليست مجرد واقعة منفصلة، بل هي جزء من سلسلة جرائم تعكس اختلالات بنيوية عميقة في المجتمع، تتعلق بغياب الردع القانوني، وثقافة الصمت، واستغلال السلطة، والنفوذ.

“لقد أصبح من المخجل التصريح بانتمائنا إلى بلدتنا كيكو، التي نشأنا فيها وترعرعنا بين أحيائها. كيف سيجرؤ أحد على الزواج من بناتنا بعد هذه الفضيحة التي مست شرفنا وكرامتنا؟” هذه بعض التصريحات الصادمة التي نقلتها وسائل الإعلام عن رجال من المنطقة، يعبرون عن استنكارهم لما حدث، ويخشون أن تلقي هذه الجريمة بظلالها على مستقبل بناتهم وأخواتهم، متوجسين من أثرها على سمعتهن وحياتهن الاجتماعية.

“المؤسف في مجتمعاتنا أننا لا نكتفي بغض الطرف عن المجرمين، بل نُمعن في تجريم الضحايا، حتى وإن كن قاصرات لا يملكن حق الدفاع عن أنفسهن. هذه الثقافة المريضة، التي تلوم الفتاة بدلًا من معاقبة المغتصب، ليست مجرد خطأ مجتمعي، بل جريمة أخرى تضاف إلى الجريمة الأصلية. يجب أن نقف بحزم ضد كل من يبرر هذه الانتهاكات، سواء بالقانون أو بالتوعية أو بتغيير العقلية السائدة. حماية القاصرات ليست خيارًا، بل واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا، ولن يتحقق ذلك إلا بإسقاط ثقافة الصمت والعار، واستبدالها بثقافة العدالة والكرامة. فالمغتصب وحده هو من يجب أن يُحاكم، أما الضحايا، فلهن كل الدعم والإنصاف وإعادة الاعتبار.

أشنو غادي يقولوا الناس؟

الاعتداء وقع على 14 قاصر، واستمعت هيئات التحقيق إلى 3 فتيات حتى الآن، يدرسن في المستوى الإعدادي والثانوي، فيما امتنعت تلميذات أخريات عن الإدلاء بشهاداتهن خوفا من عائلاتهن. لماذا؟  لسببين: فعندما يكون الجاني رجل سلطة أو رجل دين، تتضاعف مخاوف الضحية من عدم تصديقها. وثانيا لأننا للأسف نعيش في مجتمع جعل من ثقافة “أشنو غادي يقولوا الناس؟” أو بمعنى “ماذا سيقول الناس؟” هاجسًا يسبق البحث عن الحقيقة وإنصاف الضحايا. نخشى نظرات الآخرين أكثر مما نخشى الظلم، وننصب محكمة اجتماعية تحاسب الفتيات بدلًا من معاقبة الجناة. كأن الحفاظ على السمعة أهم من العدالة، وكأن الخوف من كلام الناس يبرر الصمت عن جرائم تهز كرامة الأبرياء. هذه العقلية لا تحمي أحدًا، بل تخلق بيئة خصبة لاستمرار الظلم، حيث يصبح التستر واجبًا، والعدالة رفاهية مؤجلة. ألم يحن الوقت لنكسر هذه الحلقة المفرغة ونجعل “ماذا سيقول القانون؟” هو السؤال الحقيقي.

فرجاء ارحموا بنات كيكو

الضحايا: من الإنصاف إلى إعادة الإدماج

إن الفتيات القاصرات اللواتي تعرضن لهذا العنف هن ضحايا لجرائم بشعة تستوجب استجابة قانونية ومجتمعية عادلة. يجب التعامل معهن بمنظور يركز على:

الدعم النفسي والاجتماعي، بتوفير مرافقة نفسية متخصصة لتمكين الضحايا من تجاوز الصدمة، وضمان حمايتهن من الوصم المجتمعي.

وضمان حماية قانونية، بتأمين محامين لمتابعة القضايا وضمان تطبيق العدالة دون ضغوط اجتماعية على الفتيات أو عائلاتهن.

توفير ملاذ آمن لهن، إذا كانت الضحايا معرضات للتهديد أو الضغط العائلي، فيجب توفير مراكز حماية آمنة لهن حتى انتهاء التحقيقات.

إعادة الإدماج الاجتماعي والتعليمي، من خلال تقديم دعم تعليمي وبرامج تأهيل لضمان عدم تأثر مستقبلهن بسبب هذه الجريمة.

المجرمون: ضرورة التشديد في العقوبات

نظرًا لخطورة الجريمة، وكون أحد الجناة رجل درك يفترض أن يحمي القانون، بينما الآخر فقيه يُفترض أن يكون رمزًا للأخلاق، فإن المحاسبة يجب أن تكون صارمة ومشددة.  وأن يفتح النقاش من الجديد حول جرائم الاغتصاب في بلادنا، خاصة أن جمعيات حقوقية ومدنية سبق أن طالبت بإدراج اغتصاب القاصرات ضمن جرائم الاتجار بالبشر.

خاتمة:

بقي أن نشير إلى أن هذه الجريمة تفجرت بعدما تقدمت عائلة إحدى الضحايا اللواتي تعرضن للاستغلال بشكوى إلى المصالح المختصة. فتحية لهذه الأسرة التي تجاوزت حاجز الخوف ونظرة المجتمع، وأثبتت أن العدالة لا تتحقق إلا بالكشف عن الحقيقة ورفض السكوت عن الظلم.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا