انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

ضحايا زلزال الحوز… من حلم الإعمار إلى كابوس النسيان

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

مع تدهور أحوال الطقس، والعواصف التي تضرب مختلف مناطق المملكة، تعود صور ضحايا زلزال الحوز لتغزو مواقع التواصل، فتقد مضاجعنا، وتهز ضمائرنا، وتسائلنا: هل تعلمنا شيئًا من تلك المأساة؟

كيف ننام في دفء، وغيرنا يرتجف تحت المطر؟ كيف نستكين، وهناك من يعاني الجوع والقهر والبرد؟ وما نحن فاعلون؟

عندما ضرب الزلزال منطقة الحوز، اهتزت الأرض واهتزت معها مشاعر الجميع. سارع المسؤولون إلى إطلاق الوعود، وتبارت المنصات في نشر صور مذهلة للمنطقة مستقبلا، منازل بألوان زاهية، مدارس حديثة، ومستشفيات مجهزة. بدا وكأن الكارثة ستتحول إلى فرصة لإحياء القرى المنكوبة، بل لجعلها وجهة سياحية تنبض بالحياة. لكن ما بين الصورة والواقع، كان الفارق شاسعًا…

اليوم، وبعد مرور أكثر من عامين على الكارثة، لا تزال المأساة قائمة، بل تفاقم الوضع مع العواصف والأمطار، مئات الأسر تقبع في العراء، في خيام بلاستيكية هشة لا تصمد أمام الرياح العاتية والأمطار التي تضرب المغرب هذه الأيام.

البرد قارس، والرطوبة تخترق العظام، بينما تُطلّ الوعود القديمة من شاشة هاتف أو وثيقة أرشيفية كذكرى ساخرة.

في جبال الحوز، البرد ليس مجرد إزعاج عابر، بل هو عدو قاتل، يتسلل إلى خيام مهترئة، ويحوّل الليل إلى كابوس لا ينتهي.

فكيف يمكننا أن نعيش حياة طبيعية، بينما هناك من فقد كل شيء، وينتظر بصبر نفذ صبره؟

في الأيام الأولى، كانت التصريحات الرسمية تتحدث عن إعادة بناء هذه القرى بشكل أفضل مما كانت عليه. قيل إن المنازل ستكون مقاومة للكوارث، وإن البنية التحتية ستُصمَّم وفق أحدث المعايير. لكن على أرض الواقع، لا شيء سوى الصمت، وتأجيل يتلوه تأجيل. المسؤولون غائبون، والمساعدات تتضاءل، وضحايا الزلزال يعيشون في خيام تُصارع العواصف، عالقين بين البرد واليأس.

لكن، ماذا لو تحركنا نحن كمواطنين واستعدنا روح التضامن التي أبان المغاربة عنها في الأيام الأولى بعد الزلزال؟ حينها، أبهرنا العالم بحملات التضامن والقوافل والمبادرات الفردية التي شكّلت ملحمة إنسانية حقيقية. واليوم، بعد أن خفت وهج التضامن، هل نكتفي بتقاسم الصور المؤلمة والتذمر من الوضع؟

الوعود التي كانت تملأ الشاشات تلاشت، والمشاريع التي بدت وكأنها ستُغيّر وجه المنطقة أصبحت مجرد حبر على ورق. في النهاية، لا شيء تغيّر سوى معاناة السكان، التي تزداد يومًا بعد يوم.

فماذا نحن فاعلون؟ هل يسمح لنا بإطلاق حملة تبرعات قد تكون بسيطة، لكنها أكيد فعالة؟ ماذا لو قرر كل فرد منا المساهمة ولو بمبلغ رمزي؟ أليس في استطاعتنا أن نصنع الفارق؟ أن نجمع موارد حقيقية، نبني بيوتًا حقيقية، ونُعيد الدفء لمن فقدوا كل شيء؟

هي دعوة للمسؤولين، تعبنا من الانتظار. هي دعوة لنا قبل أي كان، لأنفسنا، لضمائرنا، لنؤكد أن التضامن الذي أدهش العالم ذات يوم لا يزال حيًّا، أقوى من أي كارثة.

النكبة لم تكن كارثة طبيعية فقط، بل كانت اختبارًا لإنسانيتنا… فهل ما زلنا نستحق أن نبهر العالم من جديد ونؤكد أننا كنا وسنبقى “شعب الكرم والتضامن” !!

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا