انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

برافو سناء.. ولكن!!

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

 “الوصايا” فيلم بين السينما والطرح المؤسساتي..

أثار اهتمامي فيلم “الوصايا” للفنانة سناء عكرود، الذي عرض أمس بالمكتبة الوطنية، بفكرته الجريئة ومعالجته لقضايا قانونية واجتماعية تمس المرأة، مثل الولاية، الحضانة، وزواج القاصرات وغيرها.

تناولت سناء في فيلمها الجديد، موضوعات تهم الحيف القانوني الذي تعاني منه المرأة المغربية، حيث تُحرم من حقها في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياتها وأطفالها، وتُفرض عليها وصاية قانونية لا تعكس بالضرورة قدرتها على تحمل المسؤولية أو اتخاذ القرار الصائب.

فقصة البطلة “الضاوية”، سيدة تخوض معركة قضائية مع طليقها من أجل الاحتفاظ بحضانة ابنتها الوحيدة، في حبكة تعكس الواقع القانوني والاجتماعي لهذه القضايا”.

قوة الفيلم ونقط ضعفه

أحد أبرز نقاط قوة الفيلم هو أداء بطلته التي جسّدت معاناة المرأة بحساسية وصدق، مما جعل المشاهد يتفاعل عاطفياً مع معاناتها. كان تمثيلها قويا وعميقًا، حيث استطاعت أن تنقل مشاعر الغضب، الإحباط، والأمل بطريقة مقنعة، مما أضفى على القصة بُعدًا إنسانيًا مؤثرًا.

لذلك أقول برافو سناء، ولكن …

فعلى الرغم من قوة الفكرة ورسالتها الواضحة، إلا أن الفيلم افتقد للجانب السينمائي الإبداعي الذي يميّز الأعمال الفنية الحقيقية. كان من وجهة نظري المتواضعة، أقرب إلى فيلم “مؤسساتي تحسيسي وتوعوي”، يُقدّم رسالة مباشرة دون ترك مساحة كافية للرمزية أو العمق البصري الذي يجعل الفيلم تجربة سينمائية متكاملة.

فقد بدا واضحًا أن الأولوية كانت لإيصال القضايا المطروحة بوضوح، لكن ذلك جاء على حساب البنية الدرامية، الإخراج الإبداعي، والتصوير السينمائي الذي يمكن أن يرفع من قيمة الفيلم الفنية.

كان بالإمكان استثمار الفكرة القوية في سيناريو أكثر عمقًا وتماسكًا، واستخدام أدوات إخراجية أكثر إبداعًا لتعزيز التأثير الدرامي دون الوقوع في المباشرة المفرطة. فالجمهور يتفاعل أكثر مع القصص التي تُروى بطريقة غير تقليدية، حيث تترك لهم مساحة للتفكير والاستنتاج بدلاً من تقديم الرسالة بوضوح خطابي مباشر.

فيلم ‘الوصايا’ مساهمة في تفسير وتعليل التعديلات التي طالت مدونة الأسرة

ورغم الملاحظات المسجلة عليه، يبقى الفيلم من بين الأعمال المغربية القليلة التي تناولت بشكل مباشر قضية الظلم القانوني الذي تعاني منه المرأة المغربية. إذ حاول تسليط الضوء على هذه الإشكاليات بأسلوب مبسط، لكنه يحمل في طياته بعدًا تعبيرياً قد يكون له تأثير أقوى من الندوات والتفسيرات والجدل الذي صاحب الإعلان عن التعديلات الصادرة عن الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة. ومن الواضح أن دعم الفيلم من قبل وزارة العدل والعديد من المؤسسات الوطنية الأخرى جاء من هذا المنطلق. خاصة وأنه يُعرض في سياق النقاش المجتمعي المتجدد حول قضايا الأسرة، وتزامنا مع الإصلاح الذي تشهده مدونة الأسرة. وبذلك يمكن القول أن فيلم ‘الوصايا’ ساهم في تقديم استدلالات تعزز التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة.

أفلام غيرت قوانين

بين الحين والآخر، تظهر أفلام ذات تأثير دائم، لا تغير فقط في أذهان وطرق تفكير جمهورها، بل تساهم في تغيير قوانين البلاد التي صنعتها..

في هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته السينما والدراما المصرية في تسليط الضوء على قضايا المرأة والمساهمة في تغيير القوانين لصالحها. وكان للعديد من الأعمال تأثير اجتماعي وقانوني بالإضافة إلى تأثيرها الثقافي والفني. قد نشير هنا، على سبيل المثال، لفيلم “أريد حلاً” (1975) للفنانة فاتن حمامة، الذي كشف معاناة النساء مع قوانين الطلاق، كان له أثر كبير في تعديل قانون الأحوال الشخصية في مصر. كذلك فيلم “لا عزاء للسيدات”، ومسلسل “القاهرة كابول” و”أفراح القبة” قدما طرحًا نقديًا لبعض القضايا التي تمس المرأة في المجتمع.

وشهدت السنوات الأخيرة تجارب درامية مصرية مهمة، سلطت الضوء على قضايا المرأة وحقوقها في سياقات اجتماعية مغايرة، مثل مسلسل “فاتن أمل حربي” بطولة نيللي كريم، الذي عرض في رمضان 2022، ومسلسل “تحت الوصاية” لمنى زكي، الذي عرض في رمضان 2023. هذه الأعمال تناولت بعمق قضايا الولاية والحضانة والظلم القانوني الواقع على النساء.

خاتمة

في النهاية، يظل فيلم “الوصايا” عملاً هامًا من حيث القضايا التي يطرحها، ولكنه لم ينجح تمامًا في أن يكون عملاً سينمائيًا متكاملاً. كان بإمكانه أن يرقى إلى مستوى فني أعلى لو تم دمج الرسالة الحقوقية بلمسة فنية أكثر تميزًا، مما يجعله ليس فقط وسيلة توعوية، بل تجربة سينمائية ممتعة وملهمة في آنٍ واحد وفيلم يشبهنا.

 

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا