نعم..حان الوقت لمراجعة مدونة الأسرة

خاص/ بسمة نسائية
عزيزة حلاق
نعم، لقد حان الوقت لمراجعة وتغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة، وآن الأوان ليكون للمغاربة قانون أسري يشمل لغة المدونة وفلسفتها وكل مقتضياتها بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين.
كانت هذه أهم توصية أو خلاصة خرجت بها الندوة التي نظمتها المؤسسة الإعلامية “المصدر ميديا” بالرباط، للجواب على سؤال كان هو المحور” مدونة الأسرة بعد 18 سنة من التطبيق ما بين النص والواقع هل حان وقت المراجعة؟”.
اللقاء شارك فيه بمداخلات قيمة كل من :
– نبيلة منيب، النائبة البرلمانية والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد و شرفات أفيلال قيادية في حزب التقدم والاشتراكية ورئيسة منتدى المناصفة و المساواة و عبد النبي عيدودي نائب برلماني عن حزب الحركة الشعبية و مريم الادريسي حقوقية ومحامية بهيئة الدار البيضاء، فيما غابت أمينة ماء العينين النائبة السابقة عن حزب العدالة والتنمية.
و أشرف على تنشيطه وتسييره بحرفية عالية عادل اقليعي صحفي ومنتج تلفزيوني.
“تزويج القاصرات وتداعياته النفسية والاجتماعية” ومسألة الحضانة وإسقاطها عن الأم في حالة زوجها” و” اقتسام الممتلكات” و” الخيانة الزوجية ” و” المناصفة في الإرث”، كانت من أهم الإشكالات التي طرحت خلال النقاش، والتي بات ملحا مراجعتها بشكل يليق ويتماشى مع التحولات المجتمعية والاقتصادية التي عرفتها بلادنا.
المداخلات أجمعت، على أن هناك دعوة اليوم للمرور إلى مرحلة جديدة، مرحلة تستوعب كل التغيرات الحاصلة التي عرفتها أوضاع المرأة و الأسرة المغربية، وأيضا التطور الحاصل على مستوى التشريع بالمغرب الذي أصبح يتوفر على دستور ينص على المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، وهو معيار وطني للحقوق والحريات وحماية اﻷفراد والمؤسسات وعلى رأسها مؤسسة الأسرة، إضافة لتصديق المغرب على العديد من اﻻتفاقيات الدولية التي تهم حقوق النساء. وبالتالي لم يعد بالإمكان الإبقاء على التمييز في القانون الذي من المفترض أن يكون هو رافعة للمساواة.
رقم قوي ودال على هذه التحولات المجتمعية ذكرت به ذ. منيب، يتعلق بمتغير سوسيواقتصادي، يشير إلى أن حوالي 26 في المائة وربما أكثر، من الأسر المغربية أصبحت تعليها نساء.
طرحت الندوة أيضا، سؤال كيف نغير القانون في ظل سيادة العقليات الذكورية ا المعادية والرافضة لأي يغيير، والتي للأسف تسهم فيها وتكرسها وترسخها بعض النساء، من خلال التربية المبنية على التمييز بين الولد والبنت، وهو ما دفع المتدخلون في هذه الندوة، للتأكيد على أن القوانين يجب أن تكون مصاحبة لآليات تغيير العقليات، الأمر الذي يتطلب مجهودا متعدد الواجهات يبدأ من الأسرة ويمر عبر مناهج التعليم و وسائل الإعلام… إن كنا بالفعل نسعى إلى التقدم نحو المساواة والمناصفة.
أفكار كثيرة، وحالات اجتماعية عديدة ووقائع حقيقية وأحيانا مأساوية، مرتبطة بالحيف الذي يطال المرأة والأسرة، من خلال مقتضيات بعض فصول المدونة، أثيرت في هذه الندوة، من خلال مداخلات المشاركات والمشاركين، نذكر مثلا السلطة التقديرية للقاضي في ما يخص تزويج القاصرات أقل من 18 سنة، إذ ظهر من خلال القضايا والإحصاءات المسجلة أن الاستثناءات أصبحت قاعدة، حيث ارتفع عدد زيجات القاصرات بشكل ملحوظ، عوض أن ينخفض بعد تقننين هذا النوع من الزيجات. وهناك أيضا مشكل اقتسام الممتلكات، و الظلم الذي يلحق الزوجة في حالة الطلاق، و الإشكالية الكبرى أيضا والتي أصبحت من بين القضايا الملحة اليوم، وهي المناصفة في الإرث.
كل هذه الإشكالات لن تحل كما جاء في تعقيب ذ. العالية ماء العينين، ما لم تصبح قضية المرأة والأسرة قضية وطنية، وهو ما يعني أننا لن نتقدم ما لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية.. وهذا هو دور الفاعل السياسي، الذي لا يكفي أن يشارك بالخطاب المنمق و التعبير عن النوايا والرغبة في التغيير، في حين عند الحسم، نجده يتحجج في المقابل، بمبررات مختلفة، يعلقها على مشجب السياسة الدينية و الأعرف المجتمعية و مفاهيم الثقافة الشعبية، التي يفترض أن يفتح بشأنها نقاش أيضا، حتى نتمكن من تجاوز وضعية ” ستاند باي” التي نعيشها الآن ونستشرف المستقبل بنظرة أوضح، وهذا أمر لا يحتمل المزيد من التأجيل.