“سأبكي يوم ترجعين” …

بقلم: د.العالية ماء العينين
“سأبكي يوم ترجعين” …عنوان أول عمل روائي قرأته، والجميل أنه لكاتب مغربي وهو المرحوم عبد السلام البقالي.
كان ذلك في سنتي الأولى أو الثانية إعدادي ..
أتذكر ذلك اليوم جيدا رغم كل هذه السنوات، دخل والدي كعادته حاملا الجرائد والمجلات وبينها هذه الرواية.. ولا أدرى لماذا أثارت انتباهي وقمت بتصفحها وتركتها في مكانها. حركة لم تفت والدي، فبعد أيام سألني إن كنت أريد قراءتها.. تحمست وأخذتها وكانت أول مرة آخذ بين يدي رواية طويلة أو تعتبر كذلك في تلك المرحلة من عمري …
في المساء سألني عن المراحل التي قطعتها في القراءة ففاجأته انني انتهيت منها، لدرجة انه “امتحنني” في بعض ما جاء فيها..
أتذكر الإثارة التي شعرت بها. فرغم أني لم أعد لقراءتها بعد ذلك، إلا أنني مازلت أتذكر قصة ذلك الرجل الذي فقد أهله فعماه الانتقام فقام بإنشاء فيلا فخمة وجميلة في ظاهرها ولكنها لم تكن كذلك. ففي اجواء من الخيال العلمي نكتشف أن هذه البناية، لم تكن سوى مصيدة تصطاد الضحايا (من يظنهم السبب في فقدان زوجته..) وتلقي بهم في غرفة أو مسبح تتحلل فيهأ اجسادهم تحت مراقبة المنتقم، من وراء شاشة (على ما اذكر)…إلى أن يقع في حب إحدى ضحاياه فيقرر التوقف..ولكن القدر لن يهمله حتى يسعد بذلك…
قصة انتقام وخيال علمي وحب..ونهاية مأساوية…كانت البداية لتفتح أحاسيسي وعيوني على العوالم الروائية، و إن كان القطار قد عرج بي بعيدا عن الرواية المغربية في تلك الفترة..
سنوات قليلة قبل وفاة الاستاذ عبد السلام البقالي (1910)، وفي لقاء معه بمنزله كان سعيدا و متأثرا …وانا أحكي له عن “سأبكي يوم ترجعين” و تفاعلي معها وأني لا زلت أتذكر كل تلك التفاصيل. حينها فهمت علاقة هذا المبدع الكبير بالأطفال وقدرته على إثارة اهتمامهم وانتباههم، فقد كان رحمه الله شديد التعلق بهم والكتابة لهم. فكان بحق رائدا في مجال الكتابة للطفل وقد تجلى ذلك في ما خلفه من أعمال كثيرة ورائعة، لا اظن أنه تم الاحتفاء بها كما يليق..
تحية من القلب لروح المبدع والكاتب المغربي الكبير عبد السلام البقالي.