على قدر حلمك تتسع الأرض
وكم حلمنا أيها الشاعر درويش، لكن الأرض لم تتسع، بل أصبحت تضيق وتضيق بأحلامنا الصغيرة والكبيرة..
تتلقفنا المتاهات وتجرفنا إلى ما لا نهاية، تتكسر أحلامنا فوق صخور خيباتنا.. فتحولنا الكوابيس إلى أجساد تتحرك بدون هدف..
تحترق بدواخلنا كل الشموع التي نحاول أن نضيء بها فضاءات تأبى إلا أن تستكين إلى الظلام ..تحترق دواخلنا بنفس هده الشموع وبقاياها مخلفة وجعا إنسانيا يقطع أحبالنا..
نحاول أن نقاوم كل الانكسارات التي تريدنا ان نستكين إلى هذه الأوجاع، فلا نجد سوى أجسادنا لننتقم منها لعل الوجع يتوقف، وتتوقف معه أنفاسنا..
أحلامنا أيها الشاعر لا تتعدى السقف المسموح به.. أحلام صغيرة على قدر قبضة يدنا، لكن يبدو أنها قبضة حريرية، تتدحرج من عليها كل ترهاتنا..
نسير في هده الأرض نبحث عن حلم تاه منا، يتراءى لنا السراب فنمني النفس ونلهث وراءه إلى أن نجد أنفسنا على أرض قاحلة سراب في سراب فنتدحرج..وفي طريق العودة من أحلامنا نكفر بكل شيء و بلاشيء، يعصرنا الفراغ ، نتجرد من الكثير من إنسانيتنا بعد أن تطهرنا من كل أحلامنا حتى نستطيع أن نواصل رحلة التيه وقد دفنا ترهاتنا واستبدلناها بأوهام وابتسامات خرقاء. أصبحنا نهرب من المرايا..
أصبح هاجسنا إنعاش أوهام وترقيع جراح..تتحدانا يومياتنا بقصص أناس كانوا هم أيضا يظنون بان سقف أحلامهم شاسع، نبكيهم بحرقة، نغضب، نردد شعاراتنا الجوفاء، ثم نعود لنستكين إلى أوهامنا.. فلم نعد نملك سوى شيء من الغضب ومن النحيب والكثير من الأوهام، وأبطال بدون نياشين يدوسون على ما تبقى من أدميتنا..
فهل قدرنا أن نظل نهيم بحثا عن بعض الثقوب، نحفرها لعلنا نهرب شيء مما تبقى حتى من أوهامنا ولعلنا نجد مرتعا لأحلام صغيرة..فعلى قدر أحلامنا لم تتسع هذه الأرض أيها الشاعر..
أمينة غريب