انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

حديث المقصورة

بسمة نسائية/ أصواتهن

بقلم: ذ. عائشة العلوي لمراني

على متن القطار القادم من مراكش في اتجاه البيضاء، استقبلتني المقصورة المكتظة بالمسافرين والحقائب.. جلست في المقعد الوحيد الذي أخطأته عيون الراكبين و الراكبات وهم يبحثون عن مقعد فارغ، وعندما لا يجدون يكتظون في الممر، أخرجت رواية ” بعيدا عن الضوضاء قريبا من السكات” التي كلما فتحتها أعدت قراءة إهداء أستاذي محمد برادة وكأنه جزء من الرواية، لم يكن قد تبقى لي إلا صفحات قليلة، طال أمد قراءتي لها فقد تخللت القراءة صفحات أخرى كان يكتبها شباب المقصورة وهم يتبادلون الحديث حول مواضيع تنطلق في كل الاتجاهات لتستقر في العلاقة بين الرجل و المرأة، زادت الرواية فصلا لم يكتبه السارد الذي اختار ثلاثة شخوص مختلفة المشارب والمرجعيات والمسارات ضمن سياق تاريخي كرونولوجي عاش فيه المغرب أحداثا شكلت ملامحه المميزة خصوصيته أو استثنائيته كما يحلو للبعض أن يقول..

في الرواية يقوم المؤرخ الشاب بالبحث في حفريات المغرب الحديث من خلال الاستماع إلى بوح النخبة ممثلة في المحامي المتصالح مع التاريخ والمنسجم مع العادات و التقاليد، والمحامي الذي خرج من رحم النضال الطلابي، والطبيبة النفسية و شخوص أخرى استحضرها السرد كعلائق امتدادية للشخوص الرئيسة، اشتغل السرد على التيمات الثلاث:السلطة/الجنس/الثقافة..

وفي المقصورة حضرت التيمات الثلاث بشكل أكثر بساطة وتلقائية وحضر الدين كتيمة أساسية، كان الجنس مغلفا بعلاقة الزواج ودور المرأة تعمل أم لا تعمل!! كيف توفق بين عملها خارج البيت ومهامها داخله، الوحيد بينهم الذي كان بين يديه كتاب، عرفت أنه كتاب مقرر يراجع فيه دروسه و هو مقبل على امتحان جامعي، تحدث عن رأيه في المرأة فهو يريدها غير عاملة حتى تحقق له كل رغباته يريد أن يعيش في هناء كانت ملامحه تشي بأنه لم يتجاوز سن الطفولة ابتسامة رائقة و أسنان يغطيها سلك التقويم الممتد عبرها، تصفيفة الشعر، و حديثه عن المرأة وكأنها أم ثانية، حضور فتاتين جامعيتين إحداهما محجبة، والأخرى ترتدي ملابس عصرية أنيقة تسدل شعرها المصفف بعناية فائقة وتضع على أظافرها طلاء غامق. طبع الحوار في بعض المرات بطابع المجاملة حتى أن أحد الشباب الذي كان يحكي للمحجبة الجالسة بجواره أنه خرج من تجربة زواج فاشلة، لم ينتقد المرأة التي فارقته أو فارقها، بل كان يقوم بنقد ذاتي فهو لم يقم بدور الزوج المحب الذي يقدم كل يوم للمرأة الملاك ـ كما وصف المرأة عموما ـ كل يوم وردة أو هدية ـ ابتسمت ـ أما الثقافة فقد اعتمد في طرحها المنحى المهني فما يهم الشباب من التعلم هو الشغل، أما العلاقة بالسلطة أو السياسة فقد كانت شبه غائبة أو تقتضي تحليلا أكثر عمقا لبوح الشباب لا تتيحه ظرفية الحوار، أو أنهم يتحدثون عنها في الفضاءات المغلقة..

وكانت العلاقة بالدين تتمحور حول المرأة و لباسها و وكيف يصون غض البصر النفس من أن تزيغ … على مشارف مدينة سطات استدرجني الشباب للحديث: قلت أنني بحكم سني و تجاربي إذا تحدثت فسوف يكون حديثي مجرد توجيه نظري أو استعراض للزمن الجميل كما اعتدنا أن نطلق على الستينات و السبعينات من القرن الماضي، وبيني و بين نفسي كنت أتساءل هل أقيس ذلك الزمن بمعايير النجاح أم بمقاييس الفشل، تخليت عن دور الواعظ و الخبير المخضرم وتخيلت نفسي ضمن مجموعة أهل الكهف الذين لم تكن بينهم تمثيلية نسائية مجموعة أنكرها حاضر خروجها من الكهف و أنكرته، لذلك فضلت أن أكون قريبة من السكات.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا