انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

“التيهاء”.. شذرات أدبية للكاتب المغربي عبدالقادر الشاوي

صدر حديثا عن دار الفنك للنشر، مؤلف جديد للكاتب المغربي عبد القادر الشاوي، تحت عنوان “التيهاء”.. عبارة عن تجربة ذاتية يقودها التخييل في نص مفتوح يرتكز على ذات الكاتب ومنها ينفتح على ما هو أبعد من قضايا وأشخاص.

ويقول الشاوي “دليلي في هذا الكتاب مكشوف: أعني أني كتبت ما كتبت دون تخطيط ولا ترتيب، ولم أكن أمام أسبقيات تدعوني إلى الاختيار. دوافعي غامضة تماما، وأدرك أن القارئ لن يلومني إذا ما قلت له تخصيصا: إني كتبت ما كتبت حكاية لنفسي وسردا لعزلتها في الكتابة. ولهذا وجدت نفسي في آخر الصفحات على اقتناع تام بما كان يجب أن يكون في أول الصفحات المقدمة التي لم تكتب أصلا. مفاد هذا الاقتناع، وأنا أنقله عن مانويل ألبيركا ‘هذا أنا ولست أنا، أشبهني ولكني لست أنا، لكن حذار فقد أكون أنا‘”.

ويكتب الناقد والمترجم الأدبي إبراهيم الخطيب في كلمة عن “التيهاء”، الصادر حديثا عن دار الفنك للنشر، إن “الأمر لا يتعلق بنص روائي أو نقدي أو تحلیل سیاسي، وإنما هو مراودة لسجل كتابة يتراوح بین استرجاع ذكريات عن صدف الماضي، أو الدنو من حيوات بعض الكتاب مع فحص منعرجاتها إلى جانب سبر خلفيات مواقف ولقاءات، فضلا عن كشف سياقات بعض كتابات المؤلف المنشورة في مظان مختلفة، أو البحث في أصداء وجدانية لرحلات قام بها، هنا وهناك”.

وللكتاب نص افتتاحي ينفي المؤلف أن يكون مقدمة، لكنه، في المحصلة، مراجعة لخلفيات الكتابة عن الماضي على وجه العموم، حيث يتم التساؤل عن علاقة هذه الكتابة بالصدق والكذب، في اقترانها بزمن التلفظ، أي بالحاضر.

ويشير الخطيب إلى أن بنية الكتاب جاءت على شكل عن فقرات مستقلة، دون عناوين ولا أرقام فاصلة، تفرق بينها فراغات، لكن تراتبها غير قائم على نية كرونولوجية، وهو ما يشي به تشتت تواريخ الوقائع المسرودة وعدم انتظامها، وهو ما يميز الكتابة الشذرية.

وتستند الكتابة الشذرية، أو الكتابة المقطعية، أو أسلوب النبذة  كما عند نيتشه، إلى الاقتضاب والتكثيف والتبئير والتركيز والإرصاد، والنفور من التحليل العقلاني المنطقي، وتفادي الكتابة النسقية. وتعد هذه الطريقة في الكتابة خاصية غريبة عن ساحتنا الثقافية والإبداعية العربية، كما تعودنا عليها لسنوات مضت، على الرغم من وجودها في تراثنا العربي بشكل من الأشكال، لاسيما في المنتج الصوفي والعرفاني، وأيضا في كثير من المصنفات التراثية القائمة على التقطيع والتشذير والاختزال، وخاصة الكتب الفلسفية والأدبية والدينية منها.

الكتابة الشذرية هي في الجوهر رفض للخطاب الخطي المتسلسل، ونفي للمشهد الموحد والمتكرر في استمراريته واتصاله. لذا، تعتمد الكتابة الشذرية بلاغة الانفصال لتعويض بلاغة الاتصال، كما تمتح هذه الكتابة من الصياغة البوليفونية القائمة على تعدد الأصوات، وتعدد اللغات والأساليب، واختفاء صوت الكاتب أو المؤلف، والاعتماد على تعدد المواضيع والأفكار والتيمات تقطيعا وتجزيئا.

ويرى النقاد أن الكتابة الشذرية كتابة جسدية قوامها اللاشعور والانسياب والتداعي والفرادة، وتعبر في منطوقها عن ذات تكتب نفسها عبر التشظي، عبر زمن منهك ومشتت ومفصول. وتقوم كذلك على التأمل والبوح والاستبطان الذاتي، وتعمل على خلخلة الأجناس الأدبية كلها، من أجل صهرها في بوتقة نصية موحدة، تأبى التصنيف والتجنيس، بغية التميز، والانزياح، وخلق خطاب مابعد الحداثة وهو ما نجده ماثلا بامتياز في كتاب الشاوي.

وكما يرى الناقد المغربي بن سالم حميش فإن الشذرة هو أسلوب المقطع والنص الطليق، و”هو أسلوب معفى من كل ضرائب الطبخ والتحليل، ولا يلزم أحدا بهزاته وعواقبه إلا من باب التواطؤ الوجداني والتطوع الإرادي. وحين، يتيسر تحقيق هذين الشرطين، نكون قد دخلنا عالما فكريا لا أثر فيه لثقالة المعجم الفلسفي، ولا للغنائية الشعرية، أو النثر المفخم المتأنق، بل كل النصوص فيه محكومة فقط بتدفقات مقطعية، لا تروم إلا الكلمة المواتية اللازمة، والبلاغة المقتصدة الصادمة”.

وحسب الخطيب، فإن الكتاب “يشكل أيضا بتنوع مواده رحلة ذهاب وإياب في حياة الشاوي ومحطاتها البارزة، تمتد من سنوات الطفولة في باب تازة، مرورا بالدراسة في تطوان ثم الرباط، قبل الانخراط في الحياة المهنية بالدار البيضاء، والاقتراب من لفح السياسة، مع الميل الذي لا رجعة فيه إلى الكتابة في شتى تجلياتها”.

الكتاب بتعليق الخطيب هو أيضا إطلالة على دفتر علاقات الكاتب، ولائحة صداقاته، التي تتميز بغناها الجغرافي، سواء داخل المغرب أو خارجه، كما يمكن اعتباره تتمة أو إضافة لسرود ذكرياته وقراءاته كما تجلت في كتبه السابقة “دليل العنفوان” أو “دليل المدى” أو “جارات” بجزئيه.

يشار إلى أن الكاتب عبدالقادر الشاوي من مواليد 1950، وهو روائي وناقد، له عدة مؤلفات منشورة في مجالات فكرية وأدبية مختلفة. صدرت له العديد من المؤلفات من قبيل “دليل العنفوان” (1989)، و”الساحة الشرفية” (1999) الفائزة بجائزة المغرب للإبداع الأدبي سنة 2000، و”إشكالية الرؤية السردية” (2002)، و”بستان السيدة” (2018) وغيرها.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا