انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
قصة حب تروى

عمر وفاتن:قصة حبٍّ لم تنطفئ حتى بالزهايمر

في عالم قصص الحب، تبرز حكاية فاتن حمامة وعمر الشريف كواحدة من أصدق وأجمل الحكايات التي عاشها عشاق الفن العربي. بدأت على الشاشة الفضية، لكنها سرعان ما تجاوزت أضواء الكاميرا لتصبح علاقة استثنائية دوّنها التاريخ الفني والإنساني.

لم تكن قصتهما مجرد لقاء بين نجمين، بل كانت تلاقياً روحياً بين شخصين تآلفا رغم اختلاف الديانات والخلفيات الاجتماعية. لقد تحدّيا التقاليد والظروف، وأثبتا أن الحب الحقيقي لا يعرف حدودًا، ولا يخضع إلا لقوة المشاعر وصدق النوايا.

بدأت الحكاية في كواليس فيلم صراع في الوادي سنة 1954، حين كان عمر الشريف لا يزال يُعرف باسم ميشيل شلهوب. أسرته شخصية فاتن حمامة، ليس فقط بجمالها، بل برقيها وموهبتها. وسرعان ما وقع في حبها، حبًا كان كفيلًا بتغيير مجرى حياته بالكامل. اعتنق الإسلام، وغيّر اسمه، ليتزوج بها عام 1955.

في ذلك الوقت، كانت فاتن حمامة لا تزال متزوجة من المخرج عز الدين ذو الفقار، وقد أنجبت منه ابنتها الوحيدة نادية. لكن العلاقة العاطفية العميقة التي نشأت بينها وبين عمر الشريف غيّرت مجرى حياتها أيضًا، فاختارت الطلاق من زوجها الأول، لتبدأ رحلة جديدة مع عمر.

تزوج الثنائي، وكونا ثنائيًا فنيًا مميزًا لسنوات، أنجبا خلالها ابنهما الوحيد طارق، وبدت حياتهما كمثال للحب والفن المتكامل. إلا أن صعود عمر الشريف إلى العالمية، وخاصة بعد أدواره البارزة في أفلام مثل لورنس العرب ودكتور جيفاغو، شكّل نقطة تحول في علاقتهما. البُعد الجغرافي والضغوط المهنية والاختلاف في الرؤى أدت إلى انفصالهما الأول عام 1966، قبل أن يتم الطلاق رسميًا عام 1974.

ورغم الانفصال، لم يتزوج عمر الشريف بعدها، وكان دائمًا يصف فاتن حمامة بأنها “حب حياته”. وقد كشفت مصادر مقرّبة منه أن زواجها من طبيب الأشعة الدكتور محمد عبد الوهاب عام 1975 ترك أثرًا عميقًا في نفسه، رغم أنه ظل يكنّ لها كل الحب والاحترام.

قال عمر الشريف في إحدى مقابلاته: “ربما كان من الأفضل ألا أكون ناجحًا وألا أكون مشهورًا”، في اعتراف مؤلم بأن الشهرة أخذت منه أكثر مما أعطته، خاصة على المستوى الشخصي.

أما فاتن حمامة، فقد عاشت حياة هادئة ومستقرة مع زوجها الثالث حتى وفاتها عام 2015. وفي مفارقة حزينة، لم يمضِ على رحيلها سوى أشهر قليلة حتى لحق بها عمر الشريف، بعد صراع مرير مع مرض الزهايمر. وقد تناقلت وسائل الإعلام آنذاك أنها كانت الشخص الوحيد الذي يذكره عمر  بالاسم ويسأل عنها مرارًا، دون أن يدرك أنها فارقت الحياة.

وهكذا بقي كلٌ منهما يحمل في قلبه ذكرى الآخر حتى النهاية، لتظل قصتهما واحدة من أجمل قصص الحب الخالدة في تاريخ الفن العربي، قصة تستحق أن تُروى، لا لأنها مؤثرة فقط، بل لأنها صادقة.

والمثير أن عمر الشريف، قبل سنوات من إصابته، جسّد بإتقان دور رسّام مُسن يُعاني من الزهايمر في الفيلم الفرنسي، “نسيت أن أقول لك” هذا الفيلم يُعد من أبرز أدواره في أواخر مسيرته، وقد أبدع في تقديم أداء داخلي دقيق ومؤلم، وكأنه كان يعيش على الشاشة ما سيختبره لاحقًا في واقعه الشخصي. أداؤه في الفيلم تميز بالصدق، وبقدرته العجيبة على التعبير عن الحيرة والانكسار والضياع، في وجه رجل يتلاشى داخليًا، شيئًا فشيئًا. بدا كما لو أنه يؤدي بروفة إنسانية صامتة لوداعه الطويل مع الذاكرة.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا