هل يمكن لمجتمع إنساني أن يعيش ويتعايش بين مكوناته دون أن يتوافق حول مؤسسات سياسية دولتية وغير دولتية؟
هل يمكن لأي مجتمع إنساني أن يستمر في الحياة ويتطور دون أن يتوافق حول قيم أساسية يدافع عنها ويحرص على أن تظل من بين السمات الأساسية التي تدل عليه في ممارساته وفِي تطلعاته المستقبلية في آن واحد؟
هل يمكن لأي مجتمع أن يتطلع إلى المستقبل بجدية وعقلانية دون أن يتوافق حول رموز أساسية قد تكون في كثير من الأحيان عنوانه الرئيسي بين المجتمعات والشعوب الأخرى؟
أعتقد أن الجواب بالنفي هو الجواب الملائم لطبيعة هذه الأسئلة، وذلك لأسباب عديدة أهمها: تداخل كل هذه المستويات في مختلف المجتمعات البشرية وترابطها بحيث تختل علاقات الاجتماع البشري بمجرد ما يتم التقليل من أهمية أي مستوى من المستويات، فأحرى عندما يتم إعلان الحرب المباشرة أو غير المباشرة عليها.
وهذا يدعو إلى الحذر من كل الدعوات أو الممارسات التي تصب باتجاه نزع البعد القيمي الجماعي من أي مستوى من تلك المستويات. بل إن الموقف السليم في رأيي المتواضع هو عدم التهاون في مناهضة تيارات تبخيسها، لأنها تستهدف، في نهاية المطاف، تدمير أسس الاجتماع البشري وهذا ما لا تسوغه أخلاق ولا سياسة ولا مصلحة عامة أيا كانت الأقنعة التي يحاول البعض سترها بها خاصة إذا قامت على زعم النضال أو الثورة التي ليست غير الإسم الحركي لقوى التدمير في المجتمع.
ولا بد هنا من استحضار شعارات ” الربيع العربي” أو “الربيع الديمقراطي” المزعومين.