انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

فيلم”حياة الماعز”لعنة الفقر في زمن الكفيل

كل المصائر الإنسانية التي لم نختبرها من قبل، هي مجرد قصص بالنسبة لنا.

حديث بسمة: عزيزة حلاق

لا يعرف نجيب شيئا عن حياة الأغنام، فيضربه الكفيل بعنف بسبب ذلك، فيبدأ في مخاطبة الماعز طالبا منها الاستجابة له، قائلا “أرجوكِ.. حتى لا أتعرض للضرب”، فتقف له إحداها بهدوء كي يحلبها، وتُحدث أخرى صوتا يتفاعل معه باقي القطيع الذي فر منه ويعود إليه. يأتي ذلك كله بعد أن يناجي الله بدموعه.: “يا رب”.

 

مشهد قوي يلخص معاناة قصة مهاجر هندي مسلم، يُدعي “نجيب” تجبره ظروف الفقر والعوز للسفر إلى السعودية حالما بفرصة عمل وأفق حياة أفضل، ليجد نفسه وسط صحراء معزولة وقد تحول فجأة إلى عبد لكفيل فظ، غليظ القلب، شديد القسوة، يجبره بقوة السوط للعمل كراعي لقطيع من المعز والإبل، في ظروف تسلب منه انسانيته وتحوله إلى واحد منهم (من القطيع).

ثلاث سنوات مضت، تغير شكله وفقد الإحساس بالزمن والمكان، وأصبح همه صراع يومي من أجل البقاء على قيد الحياة. لتنتهي القصة بهروبه وايداعه السجن قبل ترحيله إلى بلاده. فيقف مذهولا مصدوما على درج سلم المطار ويقول متحدثا في سره:

في المطار وسط حشد من الوافدين ينتظرون بحقائب كبيرة مليئة بالعطور وأجهزة تسجيل وأجهزة تلفاز، ستكون زوجتي وابني في انتظاري، كل ما في جعبتي لأعطيهم إياه، هو الوقت المتبقي من عمري“.

من رواية “أيام الماعز إلى فيلم “حياة الماعز

الفيلم تجسيد لرواية صدرت سنة 2008، تحت عنوان” أيام الماعز”، عن قصة حقيقية، وبيعت منها ملايين النسخ وطبع منها أكثر من 250 طبعة في الهند وحدها.

وفي أقل من 24 ساعة من عرضه على منصة “نيتفليكس” تحول الفيلم الهندي “حياة الماعز” إلى حديث رواد منصات التواصل الاجتماعي، وأصبح موضوع بحث وتحليل ونقد لظاهرة الكفيل بدول الخليج عامة والسعودية بشكل خاص، وهو ما حدا بهذه الأخيرة إلى منع عرضه في دول الخليج. وقيل بأنها حاولت أو تحاول حذفه من على منصة نيتفلكيس. وبأنها أدرجت الممثل العماني الذي جسد دور الكفيل في الفيلم ضمن اللائحة السوداء.

قصة الفيلم:

الفيلم عن نجيب العامل الهندي الذي رهن منزله وباع ممتلكاته ليحصل على تأشيرة عمل في إحدى الشركات داخل المملكة العربية السعودية، تبدأ الحكاية بعد وصوله برفقة صديقه حكيم إلى المملكة، يتأخر كفيلهم بالوصول إلى المطار، وبسبب بساطتهم وعدم تمكنهم من اللغة، يستغل الفرصة شخص صارم قاسي الطباع وعنيف المعاملة، ويوهمهم أنه الكفيل، ثم يأخذهم معه نحو الصحراء القاحلة ليترك الصغير حكيم في مزرعة أحد أصدقائه، ثم يصطحب نجيب بطل الحكاية إلى مزرعته، ليفاجئ نجيب عند وصوله بوجود عامل هندي مسنّ ورث الحال يظهر أنه تعرّض سابقًا لنفس المصير، يقول له ” من جاء إلى هنا لن يغادرها حيا أبدا”.

تقع عين البطل فجأة في الصحراء على مرآة سيارة تجلب المياه للمزرعة الصغيرة، فيرى نفسه لأول مرة وقد طالت لحيته، وبدا مظهره مثل الوحش، عاد بدائيا في صورة الإنسان الأول، لا يعرف كم من الزمن مر عليه في هذه الصحراء.

ثلاثة أعوام، تحوّل فيها نجيب إلى شخص آخر، تغيّر شكله ومظهره، وتأثر ذهنه وقدرته على الكلام، فقد تعرّض لمعاملة قاسية وصارمة وحياة صعبة ودونية من قبل كفيله الخاطف، وأصبح يعيش حياة الماعز، يأكل معهم، ويصدر بعضًا من أصواتهم.

وسط الألم والظلم والدموع، يعود السيناريو بتقنية “فلاش باك”، ليتذكر نجيب حياته في ولاية “كيرلا” الهندية، التي تبدو كالجنة، كان يحيا فيها مع زوجته الجميلة (ساينو) التي يحبها، لكنه يغادر “جنته” بحثا عن الرزق، حالما مع حبيبته بإنجاب طفلين يسميانهما نبيل وصفية، يربيانهما في رغد ورخاء..

يلتقي نجيب بصديقه حكيم الذي يعيش ذات الحال مصادفًة في الصحراء وبرفقته شخص آخر ذي أصول إفريقية يُدعى إبراهيم من الممكن أن يساعدهم بالهروب، وفي رحلة الهرب يعانون ثلاثتهم مشقة وأهوال الصحراء، ويموت الشاب الصغير حكيم من الحر والعطش والتعب، ثم يختفى الشاب الإفريقي لاحقًا أثناء عاصفة رملية، ويصل أخيرًا نجيب إلى الطريق وهو في حالة إعياء شديدة ويوشك على الهلاك.

بعد محاولات عدة لطلب النجدة، يتوقف له شخص ويصطحبه معه إلى المدينة ويوصله إلى المسجد، وهناك يلتقطه بعض العمال الهنود لأحد الفنادق وينقذوا حياته.

يُأخذ بعدها إلى السلطات ليبلغ عن حالته، ويظهر عندها تعامل السلطات مع العمال مجهولي الحال، كذلك قسوة الكفلاء عند التعرّف على عامل هارب،

وفي مشهد مرعب، يُصاب نجيب بالذعر عند رؤيته لخاطفه الذي يخبره أخيرًا أنه لو كان على كفالته لأعاده للصحراء، ويدرك بعدها نجيب أنه كان مخطوفًا وهذا ليس كفيله، وبعد قضاء ثلاثة أشهر في السجن، يرحّل إلى الهند.

نجيب:

“الأشهر الثلاثة التي قضيتها في السجن، كانت أطول بكثير من السنوات الثلاث التي قضيتها في الصحراء، منذ ان بدأت اشعر بالأمل حيال العودة إلى المنزل، لم أنم البتة.

يُختتم الفيلم بتوضيح أن ما حدث لنجيب ليس حالة فردية بل تجربة شبيهة مرّ بها الآلاف من العمال.

الكفيل:

الفيلم “طرح مشكلة كان ينبغي أن يتم حلها منذ زمن”، في إشارة إلى نظام “الكفالة” والذي لا يزال متبعاً في العديد من الدول الخليجية.

في تصريح نقل عبر الكثير من المواقع، قال الممثل العماني “طالب محمد” الذي سجد دور “الكفيل” بأنه ليس نادما عن مشاركته في هذا الفيلم، رغم أنه نال الكثير من الهجوم بسبب دوره، من قبل المتابعين السعوديين بشكل خاص..

فأنا ممثل، وهذا الدور ليس له علاقة بحكاية الإساءة”، وأن “هذه الرواية حقيقية شئنا أم أبينا، بغض النظر عن توقيت طرحها”، وأن الفيلم “طرح مشكلة كان ينبغي أن يتم حلها منذ زمن”، في إشارة إلى نظام “الكفالة” والذي لا يزال متبعاً في العديد من الدول الخليجية.

*فيلم “حياة الماعز” فيلم طويل ( ساعتين و50 دقيقة)، استغرق تصوير هذا العمل المقتبس عن رواية الكاتب (ألبست سييللر)، خمس سنوات تقريبًا، بين الهند والأردن والجزائر، وهو من إخراج المخرج الهندي المعروف، (ليسي توماس)، تأسس العمل استنادا لقصة حقيقية لمواطن هندي هاجر سنة 1991، للسعودية، فكان من الأعمال التي تسلط الضوء على معاناة فقراء الهند الذي يسعون لتحسين مستوياتهم المعيشية في بلدان الشرق الأوسط، لا سيما الخليج.

عُرض الفيلم في الهند لأول مرة في مارس الماضي، ويعرض حاليا على المنصة العالمية الشهيرة “نيتفلكس”، منذ يوليو الماضي، ليصبح في غضون أيام قليلة أحد أكثر الأفلام مشاهدة.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا