انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

“القفطان الأزرق” فيلم صنع بنكهة إبداعية حقيقية

بقلم الناقد: فؤاد زويريق

بسمة نسائية/ ثقافة/ سينما

بعد الانتهاء من مشاهدة المسلسلات المغربية بما تحمله من مآسي إبداعية تنوعت بتنوعها، وتعددت بتعددها، حضرت اليوم في هولندا العرض التجاري للفيلم المغربي ” أزرق القفطان” لمخرجته مريم التوزاني ، حيث يعرض هذه الأيام في القاعات السينمائية الهولندية.

ليس من السهل  بل من النادر جدا عرض الأفلام المغربية والعربية في هولندا،  لا أتكلم عن المهرجانات أتكلم عن القاعات، والافلام المغربية التي عرضت هي إما لنبيل عيوش أو لزوجته مريم التوزاني، السينما العربية بما فيها المغربية غائبة هنا في هولندا، سبق لي مشاهدة فيلم أزرق قفطان في مهرجان من المهرجانات، شاهدت جزءا منه فقط حيث دخلت قاعة العرض متأخرا، فلم أكوّن رأيا كافيا عنه، اليوم أتيحت لي الفرصة مجددا  لمشاهدته كاملا،  وعلي أن أقول  بكل أريحية بعد  كل هذه المتعة التي استمتعت بها والتي اكتسحت أيضا ملامح  كل المشاهدين الذين حضروا العرض، حيث كانت القاعة غاصة بالجمهور الهولندي فقط، بأنني فخور بأن تكون لدينا مخرجة من هذا الطراز وفخور  أيضا بعرّابها نبيل عيوش الذي هو زوجها في نفس الوقت.

الفيلم جريء لكن جرأته ليست مجانية بل بنيت على بنيان إبداعي صلب، صعب أن تكون لدينا مخرجة مثل التوزاني تقتحم الممنوع وتسطر لنفسها بشجاعة الحدود التي تبتغيها هي لا تلك التي تفرض عليها من طرف مجتمع محافظ مثل مجتمعنا، الفيلم صنع بنكهة إبداعية حقيقية، وأنا لست هنا لتحليله والتحدث عنه، قد يأتي مقال خاص به، فهذه مجرد تدوينة عابرة أردت من خلالها التعبير عما شعرت به من سكرات المتعة وأنا أخرج من قاعة العرض.

ثلاث شخصيات فقط وبدون أحداث صدامية ولا صراعات درامية،  هي التي تمثل الفيلم كله، أن تتناول اليومي لثلاث أشخاص فقط دون أن تسقط في فخ الملل فهذا إبداع، الكاميرا تعدت الجسد وتجاوزت فكرة الجنس بنمطيته وكليشياته  لتتغلغل في عمق مشاعر هذه الشخصيات، علاقة مركبة ومعقدة بين زوج وزوجته والعامل الذي يعمل لديهما، روح الحب بتناقضاتها وبراءتها وعفويتها تستعمر الفضاء الضيق الذي تناوله الفيلم بتفاصيله، فضاء البيت ومحل خياطة تقليدي، هذا كل شيء، داخل محل الخياطة يحاك القفطان الأزرق بيد المعلم/ الزوج، يحاك يدويا وعلى مهل وبحرفية ومهارة متقنة، وفي حياكته حياكة لمشاعر متدفقة بين الثلاثة، مشاعر تفصل وتخاط بعناية،  تصل ذروتها في البيت حيث ينتقل الكل بعد مرض الزوجة وانتظارها للموت، في هذا البيت تتبلور المشاعر وتتطور ونكتشف تعقيداتها، حب الزوجة لزوجها، والعكس أيضا لكن هناك طرف آخر يدخل بكل عنفوانه العاطفي وهو العامل الذي يسقط في حب الزوج،  تكتمل الحياكة والحكاية بكل عقدها وتعقيداتها، تكتمل خياطة القفطان،  وتموت الزوجة، وتحيا العلاقة بين الرجلين، المثلية هنا مجردة من المدنس، ترتدي ثوب الطهرانية المحمل بروح العشق غير الممنوع، الفيلم مكتمل الأركان من السيناريو المحاك بإبرة معلم محترف، الى اللغة البصرية المفعمة ببلاغة الصورة، مرورا بالإخراج والموسيقى التصويرية والتشخيص… كل شيء في محله، لذا كانت هذه الخلطة التي تعلمتها مريم التوزاني من نبيل عيوش،  خلطة يجتمع فيها المحرم والمسكوت عنه، بالفضاءات الشعبية المغربية بكل تفاصيلها وتناقضاتها، ينضاف إليها الخيال  المنصهر في إبداع ورؤية صناع الفيلم، خلطة قد يرفضها المشاهد المغربي وينفر منها، لكن سيستقبلها حتما الجمهور الغربي ويصفق لها وهذا هو المطلوب، وحتى لو كان المطلوب التسويق خارجيا، فالفيلم صنع باحترافية عالية وإبداع مميز، وقلما نشاهد فيلما سينمائيا مغربيا مشابها له، أزرق القفطان شارك بعدة مهرجانات عالمية وحصل على جوائز مهمة، وسبق له المشاركة في مهرجان كان السينمائي في فئة “نظرة ما”،  وكذا وصل إلى القائمة القصيرة  للأوسكار 2023 لفئة أفضل فيلم أجنبي.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا