فاطمة رومات:من الجامعة المغربية إلى المنصات الأممية

نساء ملهمات/ فاطمة رومات… ريادة مغربية في الذكاء الاصطناعي على الساحة العالمية
في ركن “نساء ملهمات”، نفتح نوافذ الضوء على نساء تجاوزن التحديات المحلية ليكتبن أسماءهن في دفاتر التميز العالمي. نساء لا يُلهمن فقط بكفاءتهن، بل أيضًا برؤيتهن الإنسانية، وبتأثيرهن في مجالات تُشكل مستقبل البشرية.
اليوم، نقف بفخر عند مسار اسم مغربي، الأستاذة فاطمة رومات، الخبيرة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، التي التحقت مؤخرًا بفريق أممي رفيع يعمل على صياغة سياسات أخلاقية وإنسانية لاستعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي. اختيارها لم يكن صدفة، بل ثمرة مسار علمي لامع ومؤثر عالميًا، تُوج بتصنيفات مرموقة، حيث سبق أن أدرجت ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرًا في العالم في مجال اختصاصها.
من جامعة محمد الخامس بالرباط إلى منصة الأمم المتحدة
من جامعة محمد الخامس بالرباط إلى منصة الأمم المتحدة، تثبت الأستاذة رومات أن المرأة المغربية قادرة على التميز في أكثر المجالات دقة وتعقيدًا، وعلى مستوى دولي.
ففي إنجاز متميّز جديد، يعكس الإشعاع العلمي المتزايد للمرأة المغربية، تم اختيار الأستاذة فاطمة رومات، أستاذة التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، لتمثيل المغرب وإفريقيا ضمن مجموعة التنفيذ المعنية بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وسلامته وشموليته في التعليم العالي. هذه المجموعة تندرج ضمن مبادرة “استدامة التعليم العالي” التي أطلقتها الأمم المتحدة يوم 28 ماي 2025، بتعاون بين معهد اليونسكو للتعليم العالي بأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وجامعة الأمم المتحدة.
وتعمل هذه الهيئة الدولية على تطوير رؤية شاملة لمستقبل التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي، بمشاركة خبراء من القارات الخمس، مما يضمن توازنًا في التمثيلية وتنوعًا في الرؤى. وقد أكدت تاتينا تيتاريفا، رئيسة المجموعة، في تدوينة لها، أن الفريق يضم نخبة من التربويين والباحثين الذين يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي بمقاربات متعددة، من الحذر إلى التبني المتبصر، مما يُثري النقاش ويوجه السياسات نحو تحقيق توازن بين الإبداع البشري والتقدم التكنولوجي.
وعند سؤالها عن معايير اختيار أعضاء الفريق، أوضحت الأستاذة فاطمة رومات لـ”بسمة نسائية” أن الانضمام لهذا الفريق مرّ عبر اختيار دقيق، يشمل أن يكون المرشح خبيرًا معترفًا به دوليًا، وله مساهمات علمية ذات تأثير. واستشهدت بتصنيف الكتاب الجماعي الذي أشرفت عليه وشاركت فيه، والذي صُنّف ضمن أفضل 20 كتابًا في مجال الذكاء الاصطناعي في كل الأزمنة حسب منصة BookAuthority، وضمن أفضل 10 كتب حسب منصات مرجعية أخرى. كما أشارت إلى أن غالبية أعضاء الفريق ينتمون إلى مجموعات خبراء داخل منظمات دولية كبرى كاليونسكو، والأمم المتحدة.
وعن ظروف التحاقها بالفريق، قالت الأستاذة رومات إن الأمر جاء إثر دعوة رسمية من رئيسة الفريق، التي كُلفت بتشكيله وفق رؤية تقوم على التوازن الجغرافي ومقاربة النوع. الفريق يضم خبراء وخبيرات من جامعات مرموقة مثل جامعة Umea السويدية، وجامعة جيمس ماديسون وجامعة بوستن في أمريكا، وجامعة لاتفيا، بالإضافة إلى جامعة محمد الخامس، ومراكز بحثية من الإمارات وأمريكا اللاتينية، ما يجعل من هذه التجربة فضاءً للتبادل الغني بين الشمال والجنوب.
وعن انعكاس هذا التعيين على الجامعة المغربية، صرّحت الأستاذة رومات بأن هذه المشاركة تمثل دليلاً قاطعًا على قدرة الجامعة المغربية على التفاعل مع التحولات الرقمية الكبرى والمساهمة الفعلية في صياغة التوجيهات السياسية العالمية، خاصة تلك المرتبطة بكيفية تسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة التعليم العالي، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية، والالتزام بأهداف التنمية المستدامة. وأضافت أن “هذا التعيين ليس فقط شرفاً شخصياً، بل اعترافاً جماعياً بكفاءاتنا الوطنية، ودعوة لمزيد من الاستثمار في الإنسان، والبحث العلمي، والتعليم”.
ففي زمن التحول الرقمي، تبقى القيم الإنسانية والابتكار المسؤول جوهر كل تقدم. والأستاذة فاطمة رومات تقدم نموذجاً مشرفاً لهذا التوازن، بصوت مغربي حاضر في قلب القرارات الدولية التي ترسم ملامح مستقبل التعليم في العالم.
ومع هذا التحوّل الذي يعرفه التعليم بفعل الذكاء الاصطناعي، تُثبت هذه المجموعة التنفيذية أنه بالإمكان توجيه هذا التغيير بطريقة مدروسة، لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي داعمًا للعلاقات الإنسانية الجوهرية في العملية التعليمية، لا بديلًا عنها.