السلايدرنجوم & نجوم

نبيل عيوش: الحب الحقيقي هو الذي يدفع بالآخر نحو النجاح

المنع يطفئ الشعور بالحرية ويخنق المبادرة والأقليات الصامتة اليوم ستنطق غدا

كريمة رشدي

 بعد غياب دام سنتين بسبب الضجة التي رافقت فيلمه الممنوع من العرض في المغرب “الزين اللي فيك”، يعود المخرج نبيل عيوش بفيلم مطول جديد يحمل عنوان “غزية” سيعرض في  القاعات السينمائية المغربية ابتداء من 14 من شهر فبراير، ومن المنتظر عرضه تجاريا في مصر بست قاعات سينمائية بالقاهرة، وأربع قاعات بالإسكندرية ليكون أول فيلم مغربي يعرض في القاعات التجارية في مصر.

وسبق عرض فيلم “غزية” في عدد من المهرجانات العالمية كمهرجان لندن السينمائي ومهرجان دبي السينمائي الدولي في نسخته الأخيرة التي أقيمت شهر دجنبر من سنة 2017، إلا أنه أسقط من قائمة الأفلام المرشحة لنيل جوائز الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي لسنة 2017.

في هذا اللقاء تحدثنا مع نبيل عيوش، المخرج المغربي المثير للجدل عن فيلمه الجديد “غزية” وعن المواضيع التي لامسها هذا العمل الجديد الذي يدافع عن الحريات الفردية في المجتمع المغربي.

 لماذا غزية؟

غزية بالمفهوم الحقيقي هي كل ما يسلبه الغزاة في الحرب، وهي بمفهومها المجازي سلب أشياء غالية من شخص ما، هي ليست مادية بالضرورة ولكنها ثمينة، لأنها تمثل رغبتهم في العيش أحرارا، وأظن أنه لا يحق لأي أحد يأخذ شيئا يملكه شخص آخر، لأنه في يوم من الأيام سيستعيد الأشياء التي أخذت منه بطريقة أو بأخرى.

ومن هم هؤلاء الغزاة في نظرك؟

الغزاة يختلفون حسب كل حالة، قد يكون النظام، أو المجتمع أو الأسرة، أو مجموعة من العوامل التي تجتمع لتحد من حرية الآخر، وهي متعددة، وحين أقول المجتمع فهو مجموعة من المكونات التي تحدد لطريقة العيش إطارا، وكل الذين يرغبون في الخروج عنه لأنهم  مختلفين يعيشون اختلافهم وهم مخنوقون. فمثلا، المرأة التي تخرج إلى الشارع بتنورة قصيرة، أو تذهب إلى الشاطئ العمومي بمايوه، يجب أن تتحلى بكثير من الشجاعة، وبالنسبة لشاب يريد أن يلبس بأسلوب نجوم الروك، ويحلم بأن يكون مغنيا، فهذا يستحيل في بعض الأحياء لأنه يجلب الفضيحة للأسرة والمجتمع. هذه النظم تضع حواجز ومعيقات أمام حرية أقليات صامتة اليوم وستنطق غدا لأنها ستصبح أغلبية في يوم من الأيام.

“سعيد هو الذي يمكنه أن يعيش حسب رغباته”، حكمة أمازيغية افتتحت بها فيلم غزية، هل تظن أن نسبة كبيرة من المغاربة تعيش حسب رغباتها؟

هي مع الأسف نسبة قليلة جدا، لأننا نجد دائما إما زوجا، أو عائلة أو مجتمعا، أو ما يمكن أن يقوله الآخرون، أو ما يحكم به علينا الآخرون، والملاحظ أيضا أن المنع يحاصرنا من كل الجوانب، وهذا يطفئ الشعور بالحرية ويجعل نسبة الناس الذين يرغبون في العيش كما يشاؤون ضئيلة جدا.

في أفلامك السابقة كنت تتطرق إلى موضوع واحد، وفي هذا الفيلم لامست عددا من المواضيع لماذا هذا التغيير؟

لا تعني الشخصيات المختلفة للفيلم مواضيع متعددة، بالنسبة لي يتطرق الفيلم لموضوع هو الحريات الفردية، لكنني أردت أن أعبر عن هذه الحريات والاختلافات من خلال هؤلاء الأشخاص، كي يأخذ أشكالا متعددة. تمنيت ان أرى التعبير عن هذه الرغبة في الحرية بطرق مختلفة من خلال شخصيات الفيلم، التي يربط بينها خيط رفيع روحاني، ولم أر أية أهمية في التقائهم ببعضهم. إذ يمكن لكل هؤلاء أن يكونوا أبناء روحيين للأستاذ عبد الله الذي أراد أن يكسر القيود قبل 35 سنة لكنه واجه مصيرا قاسيا، وهو نفس الشيء يواجه هؤلاء، الإحساس بالإحباط.

هل تعتقد أن الحريات الفردية هي أولويتنا في المغرب؟

حاليا أولى أولوياتنا هي التعليم، لهذا جعلت منه حجر الأساس في الفيلم، ومنه انطلق كل شيء، وأظن أن واقع التعليم كما أريد له بمدرسة عمومية مدمرة هو الذي حول المجتمع إلى ما هو عليه الآن، شبابه محبط، هذا المجتمع عوض أن يحرر طاقاته دفعها لأشياء تخلق الممنوعات، وأعتقد أن المجتمعات لا تتطور في جو يطغى عليه المنع، كيفما كان، لأن المنع يخنق كل أشكال المبادرة.

أظن أن الشرط الوحيد لتطور المغرب هو منح الأمل للجميع، وخاصة للنساء اللواتي يمثلن خمسين بالمائة من السكان، فكيف يعقل السعي لتطوير بلد وتغييب نصف مجتمعه، وإقصائه من مواقع المسؤوليات الحقيقة مع العلم أن كفاءات النساء تتساوى مع الرجال، وكيف يمكن أن نتصور شبابا لا يرون مخرجا لمستقبلهم إلا من خلال الهروب، أو يرون أن البلد لا يتسع لهم، بل لأبناء الطبقة الغنية فقط.

 من خلال هذا الفيلم هل ترى أنك تقوم بدورك كسينمائي في إظهار اختلالات المجتمع؟

أعتقد أن واجبي الوحيد كسينمائي هو أن أعبر عن ما أفكر فيه، وأرى حاليا أن أصواتا قليلة من المثقفين هي التي تعبر عن واقع مجتمعنا، عكس سنوات الثمانينيات التي كان للمثقف فيها دور كبير رغم الظروف التي كانت سائدة آنذاك.

لماذا هذا العزوف في نظرك؟

أظن أن النخب استقالت من مهمتها في توجيه المجتمع لعدة أسباب، سواء لإحساسها باليأس، أو لأنانيتها، والملاحظ أن كل النخب سواء المثقفة أو الاقتصادية لا تقوم بدورها كما ينبغي أن يكون.

سليمة زوجتك في الواقع وزوجة جواد في الفيلم، كيف استطعت أن تأخذ مسافة بين كونك المخرج والزوج خاصة عند تصوير المشاهد الحميمية؟

أنا ومريم نحب عملنا حد الشغف، وأظن أن الحب الحقيقي هو الذي يدفع بالآخر نحو النجاح وألا يكون عاملا معرقلا في حياته، سأكون صادقا، فحين كنا نصور مشاهد سليمة وجواد، انتباني إحساس أي رجل يغار على حبيبته، لكنني كنت مجبرا على رسم حدود قوية بين الواقع والسينما، فمن أجلها ومن أجل نجاح دورها في الفيلم صورت هذه المشاهد، وإلا اخترت ممثلة أخرى لتجسيد دور سليمة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى