ليجيا فاجونديس تيليس: صوت المرأة البرازيلية العميق

“السعادة ليست هدفًا بعيد المنال، بل هي حالة نختارها يوميًا“
ليست كل الكاتبات يشبهن بعضهن؛ فهناك من يكتبن لتسلية القارئ وإمتاعه، وهناك من يكتبن ليوقظن الإنسان من داخله. الكاتبة البرازيلية ليجيا فاجونديس تيليس (1923 – 2022) تنتمي إلى الفئة الثانية؛ فهي لا تكتفي بسرد الحكايات، بل تمنح القارئ مفاتيح للتأمل في معنى وجوده. لقد كانت واحدة من أبرز الأصوات الأدبية في البرازيل والعالم، ورمزًا للأدب اللاتيني المعاصر، خصوصًا في القصة القصيرة والرواية.
ما يميز كتابتها هو مزجها بين الواقعية اليومية والأسئلة الوجودية العميقة. في نصوصها، نلتقي بالمرأة العادية – الأم، الزوجة، العاملة – في مواجهة أعماقها الأكثر هشاشة وقوة في الوقت نفسه. كتبت عن الحب والخسارة والحرية، لكن بنبرة تأملية تجعل القارئ يعيد النظر في حياته الخاصة.
جملها المضيئة، مثل: “لن تتغير حياتك حتى تتغير طريقة تفكيرك”، أو “أن تتحرر هو أن تترك وراءك كل ما يقيّد روحك”، ليست مجرد أقوال عابرة، بل تعكس فلسفة حياة آمنت بها وسعت لترسيخها في نصوصها. إنها تذكّرنا أن الزمن لا يعود، وأن أثمن ما نملكه هو وعينا بكيفية عيش اللحظة.
لم تكن تيليس مجرد كاتبة، بل مثقفة وناشطة دافعت عن الحرية في زمن الرقابة والقمع العسكري بالبرازيل. انخرطت في السياسة، ورفعت صوتها من أجل حقوق المرأة، لتؤكد أن الأدب ليس انعزالًا عن الواقع، بل مشاركة في صياغته. كانت ترى أن الكتابة فعل وجودي وموقف أخلاقي، وسيلة لمساءلة الواقع وكشف تناقضاته، ومساحة تمنح المرأة صوتًا وكيانًا مستقلًا.
في أعمالها تجلّت قضايا مثل: الحرية، الوحدة، الحب، الخوف، والذاكرة، بنَفَسٍ شعري وعمق نفسي يجعل القارئ يرى ذاته في شخصياتها. وقد تُوّج مسارها بجوائز كبرى مثل “جائزة كامويس” و”جائزة نيرودا”، واعتراف أكاديمية اللغة البرازيلية بعضويتها.
بقيت ليجيا فاجونديس تيليس وفية لقناعتها بأن الأدب قادر على مقاومة النسيان والصمت. رحلت سنة 2022، لكنها تركت إرثًا يجعلها واحدة من “النساء الخالدات” اللواتي غيّرن وجه الأدب العالمي، وجعلن من الكتابة مرآة للحرية والكرامة الإنسانية.