
للدكتور عبد الجليل لازدي كلية الآداب جامعة القاضي عياض مراكش
يقول عنوان هذه الرواية شيئا، ويقصد شيئا آخر؛ يقصد نقيضه: فالنعمة حسن الحال والمال، وتعود إلى الله لا إلى الإنسان؛ وحين يتجاسر أحدهم على ولاية هذه النعمة والدخول كوسيط بين الله والإنسان، ندخل توا في جحيم نظرية السلطة كحق إلهي، السلطة التي تحكم دون وازع أو رادع، السلطة الغاشمة التي تحول نعم الله إلى نقم، مثلما هو أمر ولي النعمة في رواية سلمى مختار أمانة الله. وانطلاقا من هذا المدخل، قد نقول إن الرواية إياها تطرح ضمن أشياء أخرى سؤال السلطة السياسية وعلاقة الحكام بالمحكومين، الرؤساء بالمرؤوسين؛ بل وعلاقة الذكور بالإناث بصفتها ملخص العلاقة السياسية. وعليه، يمكن لللقارئ أن يستفهم عن الصورة التي تبنيها هذه الرواية، لا للسلطة السياسية فحسب، وهي السلطة التي يشار إليها بشخص ولي النعمة، وإنما لكافة السلط الموجودة في كافة مناحي الحياة والوجود، ابتداء من السلطة الذكورية، مرورا بسلطة الصحافة والإعلام، وصولا إلى سلطة الليفياتان Léviathan القارض للزرع والضرع دون وازع أو رادع: سلطة المسوخ القائمة على البطش والقتل والاغتيال وبقر البطون وبتر الأثداء وتشويه الأجساد. وبهذا المعنى، فولي النعمة في هذه الرواية هو صورة أخرى لابن أبي ضبيعة الكلبي كما رسمته رائعة حيدر حيدر: وليمة لأن شاب البحر – نشيد الموت، وخاصة في فصلها السابع. وهذا يغري بشيء من المقارنة التي لن تهتم فقط بالبنيات الموضوعاتية في الروايتين، بل يوائمها أن تهتم كذلك بالمقاصد الشعرية للكتابة الروائية أو نزوع السرد نحو شعرنة الخطاب. والواقع أن سلمى مختار أمانة الله، سليلة أرض الكنانة، تكتب بلغة شعرية المبنى والمعنى. وتبدو هذه اللغة وكأنها موروثة عن تاريخ طويل من معاشرة الآداب وروائع النصوص.
وفي هذا السياق، يمكن فهم بعض دلالات الإهداء الذي تستهل به الرواية وجودها:” إلى عفاف سيد غريب الحفناوي أمي”…إهداء يبدو بسيطا في بنيته وتركيبه، غير أنه مفعم بالمعاني والدلالات التي تتجاوز القرابة الدموية وطقوس الولادة والأمومة …إلى أمور حافلة برمزية قوية تسمح بمنح الأم هذا الموقع الشرفي، إذ تتربع فوق هامة النص الروائي: يستمد النص بعض قيمته من هذا الإهداء، والأم بدورها تستمد قيمة إضافية من وجودها هنا، في هذا الإهداء بالتحديد…مثلما يستمد الأب قيمة مضافة من وجده كمانح للمعنى في مستهل المحطات القصصية التي أطلقتها الكاتبة في سماء النشر عام 2016 تحت عنوان: تي جي في…
وللحديث بقايا