من أجل إعطاء الكلمة للنساء، ومرافقة جميع الحركات النسائية والحقوقية، التي تترافع وتناضل من أجل النهوض بوضعية المرأة المغربية، ولأن قضية المرأة هي قضيتنا الأولى، تفتح “بسمة نسائية”، هذه النافذة لتكون منبرا إعلاميا دائما لصوت المرأة المغربية.
نافذة اليوم، تأتي إطار مواكبتنا للنقاش الدائر حول مشروع القانون 103-13 والمتعلق بالعنف الممارس ضد النساء، وننشر هذه الورقة التي توصلنا بها من سعيدة كوزي و ستيفاني ويلمان بوردة، شركاء مؤسسين لمنظمة “مرا” للتعبئة حول حقوق النساء.
القوانين الحالية المرتبطة بالعنف متجاوزة بقوة الواقع..
يأتي هدا المقال، بعد مقالين سابقين، تطرقا للممارسات التي من شئنها أن تؤدي إلى تعديل مشروع القانون 103-13 أو العكس، تلك الممارسات و الأنشطة التي لا يمكنها أن تنتج أي تعديل على هذا المشروع. و هو يندرج ضمن سلسلة من أربع مقالات تسعى للتحفيز على المناصرة المباشرة اتجاه أعضاء مجلس المستشارين، بكونهم المعنيين الأساسيين حاليا بأي تعديل يمكن أن يضاف لمشروع القانون الخاص بالعنف الممارس اتجاه النساء.
لا يختلف أحد، على كون القوانين الحالية، المرتبطة بالعنف الممارس اتجاه النساء، متجاوزة بقوة الواقع، و لا تشكل إجابة على هذا العنف، كما أن مشروع القانون 103-13 لا يتعدى كونه مجرد تعديلات طفيفة للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، و لم يقدم أية إجابة عن المراحل الأولية كالتبليغ، التحقيق، و سبل المتابعة، و لم يجب عن أوجه القصور و الفراغات التشريعية المرتبطة بالعنف والاعتداء الجنسي، و في صيغته الحالية لا يمكنه أن يضمن أي حماية للنساء ضحايا العنف، أو يمكنهن من الخدمات الأزمة.
انطلاقا من قراءات متأنية لمشروع القانون هذا، و من تجارب ميدانية، حول الموضوع، في مختلف أنحاء البلاد، بلورنا مجموعة من الاقتراحات التي نراها أساسية في أي قانون يسعى لحماية النساء، و يفرض العقوبات اللازمة على أي معتدي مع تسطير المسؤولية الواضحة للدولة. فيما يلي نورد 16 عشر اقتراحا وضعناه كرسائل قصيرة واضحة و عملية، يمكن لأي كان أن يوجهها للمستشارين البرلمانيين.
تعديلات من أجل ضمان حماية النساء ضحايا العنف:
- أوامر حمائية صادرة عن قاضي الأسرة : غالبا ما يتلخص مطلب النساء ضحايا العنف، في وقف العنف الذي تعانين منه، دون أي رغبة لتدخل الشرطة، بدليل أن فقط 3% من النساء ضحايا العنف الزوجي، من تبلغن عن ما تتعرضن له من عنف للسلطات، و مع دلك ربط، مشروع القانون، أية حماية، يمكن للنساء ضحايا العنف الحصول عليها، بوضع شكاية رسمية. في حين، و من الأجدى، منح قاضي الأسرة، صلاحيات الأمر بأحكام ذات طبيعة مدنية، تتناسب و كل حالة على حدة ضمانا لحماية فعلية للنساء.
- أوامر حمائية غير مشروطة بدعوى جنائية: المقتضيات الحمائية، الواردة في مشروع القانون حسب صيغته الحالية، هي رهينة بالمتابعات الجنائية، علما أن من النادر ما تتم المتابعات الجنائية في قضايا العنف ضد النساء، و غالبية الشكايات يتم حفظها. الأمر مما يجعل النساء ضحايا العنف عرضة لمزيد من العنف و تكراره، على القانون أن يمكن النساء من الحصول على أوامر حمائية ذات طبيعة مدنية بشكل فوري و متى اقتضت الضرورة دلك.
- إبعاد مرتكب العنف عن المنزل الأسري: من بين معاناة النساء ضحايا العنف الأسري، التمكن من العثور على ملجأ قار لهن و لأطفالهن، و غالبا ما تضطر لمغادرة بيت الزوجية، هربا من العنف، و تضطررن للتغيب عن عملهن، و يغيب أبنائهن عن مدرسة. تفاديا لوضعية ألا استقرار هذه، تجد النساء أنفسهن، مضطرات للعودة لبيت الزوجية، وتعشن وضعية العنف التي هربن منها أساسا. و إذا ما اردنا إعمال المقاربة الحقوقية، وجب تمكين، النساء ضحايا العنف،من آوامر حمائية تضمن لها حقها و حق أبنائها بالبقاء في البيت الأسري، مع إبعاد المعتدي مؤقتا ضمانا لعدم تكرار العنف.
- ضمان النفقة للضحية و الأطفال: على المقتضيات الحمائية، أن تضمن للنساء ضحايا العنف و أبنائهن، النفقة، حتى لا تصير هده الأخيرة ورقة ضغط، يمارسها الزوج على الزوجة لحملها على التنازل عن شكايتها.
- مقتضيات خاصة بحماية النساء في وضعية إعاقة: في الوقت الذي تعاني فيه 6 نساء من 10، عنفا مرتبطا بإعاقتهن، نجد أن مشروع قانون 103-13 تجاهل الحاجيات الأساسية التي تتطلبها وضعية هذه الفئة. على مشروع القانون أن يتناول الأشكال الخاصة من العنف التي تعاني منها النساء في وضعية إعاقة، و يضمن لهن الولوج لإجراءات و خدمات تتناسب و وضعيتهن.
تحديد مستولية الدولة في التحقيق و متابعة العنف الممارس اتجاه النساء:
- تجريم الاغتصاب بغض النظر عن علاقة الجاني بالضحية: خير دليل على ضرورة هذا التعديل، مجموعة من الشهادات لنساء من إحدى مناطق المغرب: » تتعرض النساء كثيرا للاغتصاب، ليلة الزفاف، و لكنهن لا تستطعن الحديث عن ذلك، مخافة أن يقول الناس، أن ما تعرضن، ناتج عن كونهن لم تكن بكرا، مما يجعلهن لا يبلغن عن ذلك، و بالتالي يصبح الاغتصاب عادة تتكرر دائما «
- تقرير طبي بدل الشهادة الطبية: حسب القانون الجنائي الحالي، على النساء ضحايا العنف، تقديم شهادة طبية، تثبت نسبة العجز تفوق 20 يوما، من أجل تحريك المتابعة الجنائية ضد المعتدي، على مشروع القانون أن يشير إلى تقرير طبي مفصل و شامل حول الوضعية الجسدية و النفسية للمرأة ضحية العنف، ليشكل أساسا للمتابعة.
- تمكين الشرطة من التنقل الفوري لمكان وقوع العنف: حاليا ليس بإمكان الشرطة التنقل لموقع حدوث العنف (خاصة بيت خاص) إلا بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، باستثناء في حالة خطر الوفاة الوشيك، علما أن 55% من حالات العنف اتجاه النساء، تقع في فضاء الزوجية، مما يستلزم إجراءات تدخل فوري لوقف العنف، لذلك على مشروع القانون، أن يشمل مقتضيات تمكن السلطات المعنية، من إجبارية التنقل لمكان العنف، حتى و إن كان فضاء خاص.
- استقبال من أشخاص متخصصين و مكونين داخل فضاء مستقل: و هده شهادة إحدى النساء: » أتعرض دائما للعنف من طرف زوجي، و سبق أن تعرضت للإجهاض بسبب هذا العنف. في حملي الثاني خفت من أن يسقطني الجنين من جديد، لذا توجهت لمركز الشرطة، مباشرة بعد أن تعرضت للعنف، لكن زوجي تبعني إلى داخل المركز، و أراد أن يضربني، لولا تدخل بعض أفراد الشرطة، ورغم تهديده لي بالقتل أمامهم، إلا أنهم اكتفوا بمطالبتنا أن نغادر المركز «.
- متابعة الجاني رغم تنازل الضحية عن شكايتها: مشروع القانون في صيغته الحالية، يتيح عدة إمكانيات للتنازل عن الشكاية، و القصية بل وحتى عن تنفيذ العقوبات المقررة، في حالة تنازل الضحية عن حقوقها. و غالبا ما يكون ذلك نتيجة للتهديد، وضغوطات و الترهيب الذي تتعرض له الضحية من طرف الجميع، حتى تتراجع عن القضية. من مسؤولية وكيل الدولة، المتابعة الجنائية باعتماد الأدلة، وبغض النظر عن تواجد الضحية أو عدمه. (الأكيد أن ضحايا القتل لا يمكنهم الشهادة، و مع دلك فإن غيابهم لا يثني وكيل الدولة بعن القيام بواجبه).
- إلزام الشرطة بإنجاز تحقيق شامل: من النادر، حاليا، أن يتم إنجاز محاضر بخصوص العنف الذي تبلغ عنه النساء للسلطات، فقط 25% محضرا تم تحريره و 1،3% حالة اعتقال و 1،8% حالة متابعة تم تسجيلها من طرف المندوبية السامية للإحصاء، في أخر تقرير لها بهذا الخصوص. على مشروع القانون، أن يتضمن، مسؤوليات واضحة تلزم الشرطة بتحرير محاضر، و تجعلها تباشر بحتا مدققا بخصوص الشكايات مع مسؤولية تجميع الأدلة. و أكيد أن تقاريرها ستشكل قاعدة جدية لمباشرة المتابعة من طرف الوكيل.
- إعلام الضحية بكل حقوقها: “الحق في المعرفة هو الحق في العيش”. أرونا روي، 2014. ناشط اجتماعي هندي.
- معاقبة المسئولين عن عدم قيامهم بواجباتهم: “ليس هناك ما يمكننا القيام به من أجلك”، “عودي إلى منزلك” . “أصبري من أجل أطفالك” ، “عليك أن تخجلي من نفسك، عودي لمنزلك و لا تخربيه عليك”، على مشروع القانون، أن يحمل مختلف الفاعلين العموميين، مسؤولية أجوبتهم، التي تتجاوز أدوارهم، و محاسبتهم على مثل هذه الملاحظات و الأجوبة.
الخدمات
- ضمان إيواء آمن فوري للنساء ضحايا العنف: و هي الحاجة التي أكدت عليها إحدى المساعدات الاجتماعيات في لقاء معها” في أحدى المرات، اضطررنا لإيواء إحدى النساء المعنفات، بالجناح المخصص للأمراض العقلية التابع للمستشفى، لأنه لم يكن لها مكان آخر تلجأ إليه، و حالتها كانت صعبة، لا يمكن أبدا التفكير في عودتها لزوجها، لكن لم يكن باستطاعتنا إيوائها هناك أكثر من 3 أيام و لحدود اليوم ليس لنا أي علم بمصيرها«.
- توفير الخدمات الصحية اللازمة بالمجان لفائدة النساء ضحايا العنف: الافتقار للخدمات الصحية، المجانية و السهلة الولوج، يشكل عائقا أمام النساء ضحايا العنف في الحصول على العلاجات اللازمة و أيضا على الوثائق الإدارية الواجب توفيرها لضمان المتابعة القانونية.
- ضمان المساعدة القانونية تلقائيا لضحايا العنف: باعتبار أن ما تتعرض له النساء من عنف هو مسؤولية الدولة أولا و قبل كل شيء، و لكي لا تكون الحماية القانونية حكرا على من له إمكانيات مادية.
في الجزء الرابع من سلسلة المقالات هذه، سيتم اقتراح 16 مبرر، يستدعي تعديل مشروع القانون 103-13.