انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
قصة حب تروى

فاينمان وأرلين:الفصل الأخير في رسالة حب لم تُرسل

حبيبتي أرلين،

مِتِّ، وهذا أمر غير عادل. لا أزال أقضي أيامي كما كنت، ولا أستطيع التوقف عن التحدث إليك. لا أتوقف عن التفكير بك. أراك أمامي كما كنتِ، تلك الفتاة الجميلة والمرحة.

أعرف أنكِ ميتة، ولكن – وأنت تعلمين أنني لست مجنونًا – أحيانًا أتحدث إليك، كما لو أنكِ لا تزالين هنا. أحتاجك، وأحبك.

 قصة حب لا يخضع لقوانين النهايات..

ليست كل قصص الحب تنتهي بنهاية، فبعضها لا يعترف بالوداع… وبعض القلوب لا تبرأ، بل تختار أن تظل معلّقة في هواء الذكرى، تعيش على صدى ابتسامة، أو لمسة، أو رسالة لم تُرسل.

قبل أن يغادر عالمنا بعشر سنوات، ترك الفيزيائي الشهير ريتشارد فاينمان رسالة لزوجته التي رحلت عنه قبل عامين من كتابتها. لم تكن رسالة عادية، بل قطعة من روحه، اعترافًا أخيرًا، أو ربما بداية لحب لا يقيده الزمن.

لم تُفتح الرسالة إلا بعد وفاته، وعُرضت لاحقًا في أحد متاحف إنجلترا، شاهدةً على قصة حب تروى، قصة لم تخضع لقوانين النهايات.

كتب لها يقول: “أحبكِ يا مهجة القلب… أعلم أنكِ تحبين سماع هذه الكلمة، لكنني لا أكتبها فقط من أجلك، بل لأن كتابتها تُشعرني بدفءٍ داخلي.”

لم يكن ريتشارد يكتب ليرسل… بل ليبقى. ليحافظ على ذلك الخيط الخفي بينه وبين امرأة كانت بالنسبة له أكثر من زوجة؛ كانت الفكرة، والونس، ومصدر الحياة في تفاصيلها الصغيرة.

يتذكر كيف بدآ سويًا تعلّم اللغة الصينية، وكيف اختارا آلة عرض للأفلام، وكيف جعلا من الحياة مشروعًا مشتركًا، لا مجرد تقويم أيام.

“كل لحظة كانت بك أجمل، وكل شيء الآن بدونك فارغ ومؤلم.”

هذا ما يكتبه الرجل بعد عامين من الفقد، دون أن ينطفئ صوته في قلبه، أو يجفّ حبر الاشتياق على أطراف ذاكرته.

ولأن الحب الحقيقي لا يُقاس بطول السنوات، بل بعمق الحضور، يؤكد ريتشارد في رسالته: “حتى بعد رحيلك، أنتِ ما زلتِ الأصدق، والأغلى، والأقرب… لم أرتبط بأحد، رغم مرور سنتين على فراقك… قابلت الكثير، لكن لا أحد يشبهك.”

ليس في هذه الرسالة وداع… بل وعد بالثبات. رسائل كهذه لا تُكتب للعزاء، بل لتأكيد أن الحب، حين يكون صادقًا، لا يموت، بل يتحوّل إلى صوت داخلي، إلى رفيق في الوحدة، إلى فكرة لا تغيب.

وفي السطر الأخير، قال ما يعجز العشاق عن قوله أحيانًا:

“وإن كنت لم أرسل لكِ هذه الرسالة، فاعذريني… لأنني ببساطة لا أعرف عنوانك الجديد.”

رغم عبقريته العلمية، عُرف فاينمان بعمق مشاعره، خاصة في قصة حبه لزوجته الأولى “أرلين”، التي توفيت بمرض السل وهي في ريعان شبابها (25 سنة). وظل فاينمان وفيًا لذكراها، وكتب لها هذه الرسالة المؤثرة التي لم تُفتح إلا بعد وفاته، كأنها كانت الفصل الأخير في قصة حب تجاوزت حدود الزمن والمكان.

واعتبرت هذه الرسالة، من أروع ما كُتب في الحب بعد الفقد. كتب في ختامها،

لقد أحببتك دائمًا وسأظل.

زوجك،

ريتشارد.

وأنهى رسالته بجملة مؤثرة جدًا:

“عذرًا، لا يمكنني إغلاق الظرف، أنتِ لستِ هنا لتفتحيه.”

هذه الرسالة تُظهر جانبًا حميميًا وإنسانيًا من عالم عبقري كان يتمتع بروح مرحة وعقل لامع، لكنها تكشف أيضًا عن هشاشته العاطفية وعمق ارتباطه بزوجته.

 ريتشارد فاينمان    (1918–1988)
رغم أن ريتشارد فاينمان يُعد من كبار علماء الفيزياء في القرن العشرين، ونال جائزة نوبل عن أعماله في الكهروديناميكا، فإن كثيرين يعرفونه اليوم بفضل رسالته العاطفية المؤثرة التي كتبها لزوجته الراحلة “أرلين”.
الرسالة التي لم ترسل ولم تُفتح إلا بعد وفاته، لكنها فتحت قلوب ملايين القراء حول العالم، وجعلت من فاينمان ليس فقط عالِمًا عبقريًا، بل إنسانًا كتب عن الحب والفقدان بصدق قلّ نظيره.
لقد كانت هذه الرسالة، ببساطتها وعمقها، كفيلة بأن تخلّد اسمه في الذاكرة العاطفية للبشر، ربما أكثر من أي معادلة علمية وضعها.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا