” علي باي” تحفة سينمائية مغربية بمواصفات عالمية

تصوير: محمد بلميلود
منح العرض ما قبل الأول لفيلم سهيل بن بركة، “من رمل ونار ..الحلم المستحيل”، الذي احتضنته سينما “ميغا راما”، يوم 24 شتنبر الجاري بالرباط، متعة بصرية سينمائية استثنائية، للجمهور الذي حضر لمتابعة هذه الملحمة التاريخية التي أعادت عقارب الزمن إلى عهد السلطان مولاي سليمان بداية القرن 19، عبر قصة حياة شخصية علي باي العباسي، الذي حل بالمغرب، وكسب ثقة السلطان بعد أن قدم نفسه، على أنه تاجر سوري عربي، فيما كان في الحقيقة جاسوسا يعمل لحساب إسبانيا.
ينبني الفيلم على أحداث حقيقية، نسجها المخرج، في إطار قصة تجمع بين الدراما والتاريخ والرومانسية. وحمل ذلك الزخم من الصور السينمائية المبهرة، من موسيقى ولباس وديكور والكثير من الرموز والاستعارات، ما يجري من دسائس وحروب صامتة وتخابر بين القصور والصراع على السلطة، بطلها علي باي، الذي وصمت شخصيته مرحلة دقيقة من مراحل تاريخ المغرب.
الفيلم كشف للكثيرين أن “علي باي” الذي تحمل إحدى أحياء طنجة اسمه، وينصب له تمثال وسط حي بني مكدة، هو أشهر الرحالة الجواسيس الذي عاش في المغرب خلال القرن 19 الميلادي.
فعلى مدى أحداث الفيلم التي تستغرق 116 دقيقة، سيتنقل دومينكو باديا وهذا هو اسمه الحقيقي، باسم الأمير علي باي العباسي بين إسبانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وسوريا، والمغرب، حيث سيكسب ثقة السلطان قبل افتضاح أمره من قبل الإنجليز انتقاما من فرنسا التي شنت الحرب عليهم في “واترلو”.
وقبل بداية المهمة، ولتكتمل الخدعة، يخضع دومينغو، لعملية ختان في لندن على يدي طبيب يهودي، قبل أن يتوجه إلى المغرب متنكرا في زي عربي، مدعيا أنه من الشرفاء أحفاد الرسول الكريم، وأنه من مواليد حلب بالشام. وكان هدفه إقناع السلطان المغربي المولى سليمان بن محمد بقبول التعاون مع إسبانيا، درءاً لخصومه الطامعين من الفرنسيين والإنجليز، وإذا فشل هذا المخطط فإنه سيلجأ إلى دعم بعض الثوار لإيقاد فتنة داخلية تساعد على إضعاف المغرب وتسهل احتلاله على الإسبان. وقد كان هذا المخطط مدعوما من طرف الملك الإسباني كارلوس الرابع، كما أنه فيما بعد عرض مشروعه لاحتلال المغرب على نابليون بونابرت، وكان ذلك في 10 مايو سنة 1808 وبتشجيع من الملك كارلوس الرابع المخلوع، لكن نابليون شكك فيه وبعث معه برسالة توصية إلى شقيقه جوزيف بونابرت.
الفيلم الذي سيعرض في القاعات المغربية، ابتداء من 2 أكتوبر المقبل، يتضمن العديد من الأحداث التاريخية، المطعمة بقصة حب عنيفة، ستجمع (علي باي) بالليدي البريطانية، التي ستختار الرحيل والاستقرار بسوريا، وتغير اسمها، وتعلن إسلامها، لكنها ستتبنى وبشكل غير مفهوم، دينا خاصا بها، وعلى طريقتها، إسلاما متطرفا أقرب إلى الداعشية.
يستمتع كل من يحضر لمشاهدة الفيلم، بتحفة السينمائية قدمت بمواصفات الأفلام العالمية. حيث يسافر المشاهد مع على باي، إلى قصور مدريد وباريس ولندن والمغرب في أوائل القرن التاسع عشر. ويتنقل مع بطلة الفيلم، عبر الصحاري المحترقة في شبه الجزيرة العربية، فيما المشاهد كلها جرى تصويرها بين استوديهات ورززات وصحراء مرزوكة وموقع وليلي والرباط والدار البيضاء.
المخرج بن بركة اختار لبطولة فيلمه، العديد من الممثلين الأجانب، من ايطاليا واسبانيا،
في مقدمتهم النجم رودولفو سانشو (إسبانيا)، والنجمة كارولينا كريسينتيني (إيطاليا)، ومن المغرب يوسف كركور وكمال موماد ومحمد العزوزي وحميد باسكيط الذي ساهم أيضا في إنتاج هذا العمل الضخم، الذي تسهر على توزيعه ايمان المصباحي.
من هو علي باي؟
ولد علي باي، دومينغو باديا،في كاتالونيا، 1767م، وكان ضابطا في الجيش الإسباني. لكن مواهبه كانت أبعد من ذلك بكثير، إذ كان يتقن خمس لغات، وكان فيلسوفا وعالم فلك يضاهي كبار العلماء في عصره من باريس إلى لندن، وفق كريسيتان فيوشر واضع كتاب علي باي”. وقد وقد توفي سنة 1818 في رحلة الحج الثانية “بعدما دست له السم الليدي الأرستقراطية البريطانية التي أحبها، والتي عاشت بين لبنان وسوريا.