انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
قصة حب تروى

طه وسوزان: “حبٌ يرى بالقلب”

طه حسين عن زوجته سوزان: هي العين التي أرى بها العالم

 

قصة طه حسين وزوجته سوزان واحدة من أروع قصص الحب في الأدب العربي. وهي أيضًا من أكثر قصص الحب المظلومة عبر التاريخ، لأنها لم تُذكر كثيرًا، رغم أنها قصة متفردة في حكايتها جسَّدت المعنى الحقيقي للحب، وكيف يمكنه أن يكون مصدر قوة وإلهام. فالعلاقة بينهما لم تكن مجرد زواج عادي، بل كانت قصة إنسانية ملهمة، أظهرت كيف يمكن للروح أن تتجاوز كل الحدود لتصنع قصة حب تُروى.

برغم الاختلاف بين طرفيها، إلا أنها نجحت واستمرت 56 عامًا، علاقة قوية ربطت بين الطالب المصري الصعيدي الذي تزوج الفتاة الفرنسية الأرستقراطية. هو طه حسين، الشاب الضرير، وهي الشابة الشقراء الجميلة، ذات العينين الزرقاوين.

طه حسين الذي استطاع أن يقهر الظلام ويتحدى إعاقته البصرية، ليصبح عميد الأدب العربي، قهر المستحيل وتزوج من حبيبته سوزان، التي كانت داعمة له في حياته ومشواره الأدبي، وظلت بجانبه حتى وفاته.

البداية:

التقى طه حسين بسوزان أثناء دراسته في فرنسا. كانت سوزان فرنسية مثقفة، وتملك شغفًا بالعلوم الإنسانية. أحبته ليس فقط كإنسان، بل أعجبت بفكره وشجاعته رغم إعاقته البصرية. الزواج بينهما كان خطوة جريئة آنذاك، لكنه أسس لواحدة من أجمل قصص الحب في الأدب والحياة.

أسسا معًا حياة أسرية ناجحة، أثمرت ابنين، أمينة ومؤنس.

دور سوزان في حياة طه حسين

كانت سوزان أكثر من زوجة، بل شريكة حياة تفهمت احتياجاته كفنان وأديب. ساعدته في التكيف مع العالم حوله رغم فقدانه البصر، وقرأت له الكتب وساعدته في أعماله البحثية.

كانت مصدرًا مستمرًا للإلهام في أعماله. بفضل دعمها، تمكن من تجاوز العقبات الاجتماعية والصحية ليصبح “عميد الأدب العربي”.

كانت وسيطًا بين طه حسين والعالم الخارجي، من خلال تنظيم مواعيده ومساعدته في تحضير المحاضرات والمقالات.

كانت تصف إعاقته البصرية ليس كنقص، بل كدافع قوي جعله يرى العالم بوضوح أعمق. فطه حسين بالنسبة لها لم يكن أعمى، بل كان يرى بقلبه وعقله. وكانت تقول: “أنا كنت عينيه التي يرى بها.”

حب في عيون لا ترى

لم يكن طه حسين غزير الرسائل المنشورة، لكنه عبَّر في كتاباته ومذكراته عن حب كبير لسوزان، وترك إشارات واضحة إلى تأثيرها العميق عليه.

وصف علاقته بسوزان في كتاباته بأنها علاقة استثنائية. وفي أجزاء من مذكراته، أشار إلى دورها الحاسم في بناء شخصيته.

في سيرته الذاتية “الأيام”، لم يذكر سوزان بالاسم، لكنه أشار في كثير من المواضع إلى دعم شخص قريب منه، يشاركه أحلامه ويساعده على تخطي العقبات.

في إحدى رسائله النادرة لسوزان، وصفها بأنها “العين التي يرى بها العالم” و”القلب الذي يضخ الحياة في عروقه”. هذه الكلمات تعبّر عن تقديره العميق لدورها كشريكة وحبيبة.

ورغم أن كتاب “جنة الشوك” روائي، يعتقد النقاد أن بعض المشاهد تعكس مشاعره تجاه سوزان. يُظهر فيه شخصية المرأة الحكيمة والمخلصة التي تدعم شريكها رغم التحديات.

رسائل خاصة لم تُنشر بالكامل:

وردت مقتطفات تشير إلى طه حسين وهو يعبر عن شعوره بأن زواجه من سوزان كان أفضل ما حدث له. قال:

“أنتِ هديتي من الحياة، جئتِ لتكملي ما ظننت أنني فقدته، وجعلتِ كل يوم لي احتفالًا جديدًا بالحب والعلم.”

ويقال إنه قال لسوزان في رسالة عندما كان يكتب أحد كتبه:

“لولا يدك التي تمسك بيدي في الظلام، لما استطعت كتابة كلمة واحدة. كل كلمة هنا هي جزء منك، هي بوحك لي وأنا أترجمها بالقلم.”

كتاب سوزان  “Avec Toi”

بعد وفاة طه حسين في أكتوبر 1973 عن عمر ناهز 84 عامًا، لم يتوقف حب سوزان لطه حسين، فخلدت قصة حبهما في كتاب بعنوان: “معك”.

تقول في فصله الأخير:

“وفي النهاية كُنا معًا.. دائمًا.. وحدنا.. قريبين لدرجة فوق الوصف.

كانت يدي في يده متشابكتين كما كانتا في بداية رحلتنا.

وفي هذا التشابك الأخير، تحدثت معه وقبّلت جبينه الوسيم.

جبين لم ينل منه الزمن والألم شيء من التجاعيد.

جبين لم ينل منه هموم الدنيا من العبس.

جبين لا زال يشع ضوءًا ينير عالمي…”.

ويروى أنها قالت: “لم يكن طه حسين زوجي فقط، بل كان عالمي كله. أحببته كما لم أحب شيئًا في حياتي، وكان حبه يملأ أيامي بالفرح والتحدي.

كنت سعيدة لأنني كنت جزءًا صغيرًا من إنجازاته الكبيرة. كنت أعلم أن كل كلمة يكتبها كانت تحمل جزءًا من روحنا المشتركة.”

علمني طه كيف أحب الأدب والفن، لكنه أيضًا علمني كيف أحب الحياة وأراها بكل جمالها وتناقضاتها.

الخلاصة:

هذا الحب الذي جمع بين طه حسين وسوزان يظل درسًا في الوفاء، الإخلاص، والشراكة الحقيقية التي ترتقي فوق كل تحديات الحياة. وستظل قصة حب يجب أن تُروى.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا