انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

وعكة عاطفية..

بقلم: عائشة العلوي لمراني

لم يتبق في رصيد قدمي من الخطوات إلا النزر اليسير، قد يحملني إلى أقرب مقهى، قلت مع نفسي: أسترد قوتي التي استنفذها الانتظار أمام أبواب الإدارات، انتفخ الملف داخل حقيبتي بأوراق لها مدة صلاحية لا تتعدى بضع أشهر، لتلقى بعدها طعاما لسلال المهملات.

المقهى يبدو في غاية الرونق والتأنق، تدلت الأضواء من سقفه متلألئة تتحدى ضوء النهار، وتكشف عن جدران مزينة بلوحات ممتدة، تتوسط أحد الجدران شاشة تعرض صور مناطق يرحل إليها الخيال على إيقاع موسيقى يابانية، تراتيل نورانية لا تحتاج إلى لغات فرقت البلاد والعباد.

أفرد مقعد ذراعيه فاحتضنني مرحبا، وقدم لي النادل المطوية المتضمنة لصور ما لذ وطاب، كنت وما زلت مخلصة لمبدئي في الاختيار: شوكولا ساخنة، أومأ النادل برأسه مبتسما غاب لحظة وعاد محاطا بسحابة من بخار ينثر عطره في المكان، بيني وبين الشارع الذي أوليته وجهي جدار سميك من الزجاج كتم الأصوات، وجعلني أسند ظهري في ارتياح لحضن المقعد.

بين سهو وغفوة تسرب إلى أذني صوتا امرأتين لم أنتبه وأنا متهالكة ألج المقهي إلى وجودهما.

س 1: ما بك وجهك شاحب ويداك ترتعشان.

س 2 : وعكة عاطفية.

س 1: تقصدين وعكة صحية.

س 2 ( مصرة ) : بل وعكة عاطفية.

س 1: كم نصحتك بتناول فيتامينات تقوي مناعتك العاطفية، وبعد كل توبة ترتدين.

س 2 : التوبة لا تقبل إلا مرة واحدة فإذا تكررت الردة يكون الإنسان كافرا أو مجنونا.

هل تذكرين المغنى الذي أحيا حفلة صديقتنا فلانة وهو يؤدي أغنية “سيرة الحب” أنشد “والعاشقين شابوا ما تابوا” بدل “ذابوا ما تابوا” وكنا حضورا في سن متقاربة تعدت مرحلة الشباب.

ضحكتا وابتسمت:

س 1: ومن سبب لك الوعكة هذه المرة؟

س 2 : تعرفينه ولا تعرفينه، فهو كاتب مشهور..

س 1: لهلا يطيح حبك على حجرة.

س 2: ماذا تقصدين؟

س 1: أقصد أن الكتاب يعيشون حكايات الحب على الورق وفي الواقع نراهم يتأملون على بعد مسافة تحميهم من الوعكة العاطفية، ويختلسون من الواقع زادا لرحلتهم على متن الخيال.

أسدلت الستار، بعد أن استعدت حسابي من الخطوات حتى محطة القطار، لم أصفق بعد انتهاء المشهد وإن كنت قد استمتعت بالحوار.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا