- بقلم: زكية حادوش
بسمة نسائية/ اصواتهن
ها قد انتهت الألعاب الأولمبية لباريس 2024، بحفل اختتام سلمت فيها زمام أمور تنظيم النسخة الموالية لمدينة لوس أنجلس الأمريكية. وانبرت وسائل الإعلام المحلية والدولية للإشادة بهذه الدورة وكذا لانتقاد نواقصها تنظيميا، رياضيا وحضاريا. ولا يفوتني هنا تهنئة “ماماهم فرنسا” على هذا الإنجاز العظيم!
أكيد أنه إنجاز عظيم أن تحقق هذا “الشيء” وهي تعيش مخاضا سياسيا داخليا وخارجيا صعبا، من انتخابات “الله لا يخيرنا في ضرار”، إلى موقف رسمي مساند للعدوان الصهيوني جر عليها استهجانا لا يستهان به، مرورا بسقوط قلاع الفرنكوفونية، سليلة الاستعمار، في قارتنا الإفريقية تباعا كأوراق تاروت مرسيليا!
هنيئا لها باحتلالها المرتبة الخامسة عالميا في هذه الألعاب، من حيث عدد الميداليات، بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي تصدرت اللائحة، بدون منازع (طبعا بتغييب روسيا)! هنيئا لها بتنظيم هذا المحفل الرياضي العالمي مهما كلف الأمر، أعني القضاء على “بق الفراش” الذي أرقها لمدة عامين، وتنظيف نهر السين بحيث سبح فيه السباحون الأولمبيون ولا يهم إن أصيب بعضهم بالغثيان والإسهال بعد ذلك، وطرد بعض الأسر من مساكنها هنا وهناك بعاصمة الأنوار، وتوجيه كل طاقتها “النقلية” صوب القرية الأولمبية بعد احتجاج الوفد الكوري على ضعف المواصلات، واستقبال أسرة تلك الماركة السويدية المشهورة التي ذهب الوفد السويدي لشرائها بدل أسرة الكارتون المعدة لهم من قبل المنظمين، ومضاعفة جهود “التسويق الإلكتروني” بعد الآراء السلبية لبعض أبطال هاته الألعاب من قبيل السباحة الأسترالية “أريارن تيتموس” التي صرحت بعد هذه الدورة بأن الرياضيين كانوا يعيشون “في القذارة” إذ لم تغير الشراشف طيلة إقامتهم بالقرية الأولمبية!
لا يجدر إغفال حفل الافتتاح الذي لولا “سيلين ديون” الكندية التي بعثت من مرضها لتغني “إيديت بياف” المبعوثة من قبرها، و”كوجيرا” الذي أدخل “الهيفي ميتال” في تاريخ الألعاب الأولمبية، و”أيا ناكامورا” التي رطنت بلغة فرنسية هجينة أمام مبنى رمز من رموز الحضارة الفرنسية “القحة”، لما تذكر الناس سوى “النمساوية” الملكة “ماري أنطوانيت” وهي تغني برأسها المفصول بالمقصلة عن جسدها (كل شيء على ما يرام! سنشنق الأرستوقراطيين!)، وعشاء المسيح الأخير بصلصة “التخنث”.
مر أسبوعان وزادت شوارع باريس ضيقا، بسبب الزحام وبسبب التضييق الذي فرضه تحويل السين إلى نهر للملاحة، حتى ضاقت على الراجلين والدراجين وسائقي السيارات، رغم أن فرنسا معروفة بحجم سياراتها الصغير. ثم جاء الفرج بعد يوم الأحد، يوم الاختتام الذي استعانت فيه فرنسا بفنانين أمريكيين “كبار”، أجل، كبار شهرةً وبالأخص سنا! ما المغزى من إحضار “توم كروز” (المكروه أصلا من طرف زملائه في المهنة والصحافة الأمريكية الرصينة بسبب “سيونتولوجيته”) ليحلق فوق الملعب مخاطرا بحياته التي مر منها بيولوجيا أكثر مما تبقى؟
الله أعلم، ربما الرئيس “ماكرون”، رغم شبابه، من المولعين بنجوم جيل زوجته، والأذواق لا تناقش، وربما أن لجنة تنظيم الأولمبياد الباريسي عُينت، كما يحدث عندنا، وفقا للولاء وهي من ذوي القربى وأصدقاء “الشكارة” و”الفلتانين” المشهورين وهلم جرا!
أعرف، لا وجه للمقارنة بين المستعمِر والمستعمَر، لذلك سأكتفي بطرح بعض الأسئلة الغبية كالعادة:
كيف يكون ترتيب المغرب 60 في هذه الألعاب، بحصول عدائنا الوطني سفيان البقالي على الميدالية الذهبية للمرة الثانية بعد دورة 2020 بطوكيو، وبرونزية الفريق الأولمبي لكرة القدم المغربية؟
أليست هذه الرتبة سبة؟ حتى إن قال المسؤولون الرياضيون (عفوا المتطفلون على الرياضة) عندنا إنه إنجاز عظيم، أليست هذه الميدالية الذهبية إنجازا فرديا لا دخل للسيد “أحيزون”، مع كامل احتراماتي، فيه؟ وما هذا الإنجاز إلا الشجرة التي تخفي الغابة؟
أليس من حقنا، كمغاربة، أن نستغرب هذه الحصيلة مقارنة بالدعم الذي تحصل عليه الجامعات الملكية المرتبطة بألعاب القوى والذي كلف ميزانية الدولة 2020-2022 ما يناهز 3 مليار درهم من المال العام؟
ما هو دور المدارس التي شيدت لاستنبات أبطال رياضيين من فصيلة سعيد عويطة ونوال المتوكل ومن تلاهما؟
إذا بقي الأمر كما هو عليه الآن، ألا يجدر بنا التفكير في تنظيم الألعاب الأولمبية في رياضات الخفة؟
وداعا ألعاب القوى ومرحى بألعاب خفة اليد، سرعة التسلق، مدة الجلوس فوق الكرسي، السباحة في الوحل والقفز فوق ظهور البشر وهدر الموارد… وغيرها من الرياضات المشوقة المعروفة عالميا!