
بسمة نسائية/ ثقافة وفنون
عزيزة حلاق/ مراكش
صور الفرق الفلكلورية: شفيق
في جلسة حميمية استضاف فيها محمد الكنيدري، رئيس جمعية الأطلس الكبير ومدير المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، ممثلي منابر إعلامية وطنية وعربية ودولية، وبعض الضيوف الأوفياء للمهرجان، وحضر أيضا الفنان الكبير فؤاد الزبادي، وتحدث الأستاذ الكنيدري، بشكل تلقائي ومفوح، عن الكثير من الأمور المتعلقة بهذا المهرجان الوطني، الذي يعتبر أقدم مهرجان في المغرب، و الذي اتخد مع توالي الدورات صبغة دولية.
الكنيدري استحضر البدايات، والتعثرات التي صادفت المهرجان منذ تأسيسه سنة 1960، تحت مسمى “مهرجان فلكلور مراكش”، وأهم المحطات التي ميزته، ووانطلاقته المتجددة في 2005، وكيف ظل رغم كل الاكراهات حاضرا وظل يشكل منذ ذاك التاريخ إلى اليوم، عنوانا للتعددية والتنوع والغنى الثقافي لبلدنا، والذي يتجلى في اللهجات المختلفة والإيقاعات والتعابير الجسدية والموسيقية المتنوعة، والتي لها بعدها الثقافي والميثولوجي العميق. وظل يشكل، أيضا، شهادة للوحدة في التنوع، من خلال تقديم ثقافة تتشكل من ثلاث مكونات أساسية، عربية وامازيغية وافريقية.
فقوة المهرجان، يقول الكنيدري، تكمن في قدرته على الاحتفاء بالكثير من “جوانب الهوية الثقافية المغربية”، والحفاظ عليها باعتبارها موروثا ثقافيا للامادي. ومع توالي الدورات، توسعت قاعدته من خلال ارتفاع عدد الفرق الشعبية المشاركة، ومن خلال تنوع فقراته، وانفتاحه على ثقافات العالم. فهذه الدورة مثلا، عرفت مشاركة ثلاث فرق فنية من الصين وأندونيسيا وبوركينا فاسو، أضفت على الدورة لمسات خاصة، تجسدت في تلاقح حضاري فني متعدد الألوان، أبهر الجمهور.
لكن، ومع أهمية هذا المهرجان في التعريف وتكريم والاحتفاء بهذا التراث الذي لا يقدَّر بثمن، هناك حقيقة لا لبس فيها، بأن الفنون الشعبية تواجه، اليوم، خطر الاندثار، خصوصاً أن الخلف لم يعد مضمونا.
في هذه الجلسة، والتي امتدت لأكثر من ساعة، مع أسئلة الحضور وأجوبة السيد الرئيس، طرح موضوع الخلف، وحمل المشعل، وانتقل الحديث عن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية الهشة التي يعيشها الفنانون المتعاطون لهذه الأشكال الترفيهية/ الفنية، وأيضا التخوف من انقراض هذه الفنون ومصيرها، خاصة وأن أعظم منتسبيها وممارسيها (هم وهن)، في سن متقدم، فكان السؤال من منطلق الغيرة على هذا المهرجان، للناقد السينمائي، وأحد الأوفياء لمهرجان الفنون الشعبية عمر بلخمار، الذي سأل عن امكانية إحداث مؤسسة للحفاظ على هذا الموروث اللامادي الخاص بالفنون الشعبية؟ والانكباب الفعلي على بلورة منظومة حماية تعزز صمودها في زمن العولمة وتشجع مبدعيها ومنتسبيها على تطوير أدائهم ومواصلة مشاريعهم الفنية بكرامة واحترام، وتكوين الأجيال الشابة المهتمة بهذه الفنون..
فكان جواب السيد الكنيدري، أنه سبق له أن أعلن في دورة سابقة عن احداث أكاديمية للفنون الشعبية، وقال بأن الأمور سائرة في طريق التنفيذ وقد تم اقتناء الأرض التي سيقام عليها مشروع الأكاديمية، وتوجد (فالخرجة ديال مراكش)، وهو ما يعتبر خطوة مؤسساتية مهمة في هذا الاتجاه، من حيث الرهان على حماية التراث الفني الشعبي من جهة، وتأهيل هذا التراث للانخراط في منظومة الإنتاج الفني والثقافي الحديث من جهة ثانية.