انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

للولاية نصف..

حديث الاربعاء

بسمة نسائية/ منبر بسمة

بقلم: عبد الرفيع حمضي

لعلّ السيد رئيس الحكومة المغربية عزيز اخنوش، قد توقف مليا على مسألة “الولاية “ la tutelle légale في التقرير الذي توصل به من هيئة مراجعة مدونة الأسرة قبل عرضه على أنظار جلالة الملك، حسب التكليف الوارد في الرسالة الملكية، خاصة وأن الولاية كما تنظمها المادتين 236 و238 من مدونة الآسرة الجاري بها العمل إلى حد الآن ،قد استنفذت سقفها بفعل التطور الذي عرفته الحياة اليومية للمغاربة، باختلاف مستوياتهم الاجتماعية ومجالهم الترابي. مع الإقرار طبعا أنها مسالة مراجعتها  لا تحظى بالتوافق التام .وبالتالي فهي تبقى مسألة خلافية بين الفاعلين المجتمعيين بمختلف تعبيراتهم المدنية والحقوقية والسياسية والمرجعية. وهو امر صحي جدا في مجتمع موحد البناء ومتعدد الروافد.

وقد كان لأعضاء هيئة مراجعة مدونة الاسرة الصدر الرحب، وهم يعقدون اكثر من 130 جلسة، للاستماع لمختلف الآراء والمواقف المتباينة. مع ما عرفته كذلك الساحة العمومية من نقاش جدي ومسؤول وناضج.  ولم يحاول إفساد هذا العرس المغربي الأصيل إلا بعض التدخلات والتصريحات المتأخرة، وفي الوقت الميت، لأشخاص بعمد وسبق اصرار وترصد حاولوا الخلط بين المساجد كبيوت لله، مخصصة للعبادة فقط. والفضاءات الأخرى، حزبية وغيرها باعتبارها مجالا للعمل السياسي بمفهومه النبيل و شرط من شروط الممارسة الديمقراطية.

وفي ظل هذا الخلط بين الحدود، تسرب الأيديولوجي والسياسي إلى محراب المسجد كما تسرب (الفقيه) إلى منصة الخطابة الحزبية، مما انتج خطابا  مشوها، في قصده الديني وفي بعده السياسي، خطاب كله كراهية وحقد وتخوين وتكفير مبطن وصريح مع إقصاء  للآخر.

أصلا هذا الخطاب يحيل  على تجارب  أخرى لازالت شعوبها تؤدي غاليا ثمن الخلط بين الدين والسياسية من طرف حكامها بتحميلهم -هنا وهناك -لقضايا خلافية بسيطة، دلالات  ملتبسة  لترهيب العامة وكأن  الأمر يتعلق بأصحاب الجنة وأصحاب النار.

فمابين ولاية المرأة  la tutelle légale على أبنائها  عندما يقع الانفصال وتسند الحضانة للزوجة.  وهو امر مجتمعي بسيط يستحضر بالدرجة الأولى المصلحة الفضلى للأطفال، وبين من ضخم هذا الموضوع  وجعله عقيدة وكأن الأمر- مجازا -يتعلق (بولاية الفقيه ) la tutelle du théologien كما وردت في الفقه الشيعي الاثنى عشري اي انه منذ بداية الغيبة الكبرى.

( للأمام الحجة) وفي انتظار عودة الإمام المهدي المنتظر، فان الولاية  تعود للفقيه وله وحده  توجيها وأمرا وعقابا  في كل صغيرة وكبيرة .من حادثة شعر الفتاة الإيرانية (مهسا  أميني  )إلى إعلان “الحرب التي لم تقع “على العدو الاسرائيلي حيث  قذفت ايران بقدائف  لم  تصل. بل تحولت في الطريق كما كان متفق عليه ،”إلى  لعب وشهب اصطناعية وطوق نجاة للاحتلال الاسرائيلي الذي كان محاصرا  بالغضب الشعبي في العالم. فها هي دولة ولاية الفقيه تنقده .

واذا عدنا إلى السيد رئيس الحكومة فبعدما اخد علما بمقترحات هيئة مراجعة المدونة فيما يتعلق بمقترحاتها حول ولاية المرأة tutelle légale  وبعدما تابع  كالعالم كله هزيمة  دولة ولاية الفقيه Tutelle du theologien، هاهو يستعد  وهو في منتصف ولايته mi mandat   لتقديم حصيلة عمل فريقه الحكومي, تفعيلا للفصل 101 من الدستور المغربي.

ومما لا شك فيه ان النواب والمستشارين،كل سيدلي بدلوه ما بين مدح وذم  لكن كم كان سيكون أجمل  لو أن قاطني وقاطنات قب قبة البرلمان الجميلة، التئموا في جلسة خاصة قبل ذلك لتقييم اداء المؤسسة التشريعية نفسها، بغرفتيها سواء في مجال التشريع أو الرقابة على الحكومة أو تقييم السياسة العمومية. ولكن قبل هذا وذاك كان من اللازم عند انطلاق الشوط الثاني من الولاية الوقوف لتفحص صورة المؤسسة أولا وصورة اعضائها  ثانيا لدى الرأي العام .

ان مشروعية الإنجاز مهما كانت ايجابية إذا لم تواكب بأخلاق نيابية وبرلمانية تقدس الشأن العام وتحترم أمانة التكليف المجتمعي فان الحصيلة في آخر المطاف تكون ( لي حرث الجمل دكو )..

أكيد ان السيد عزيز اخنوش سيقدم ارقاماً واحصائيات تقيس نسبة إنجاز الوعود الانتخابية وتنفيذ البرنامج الحكومي باعتباره وثيقة تعاقدية. كما سيقف على التحديات التى حالت دون (القفزة الكبرى) وخاصة مخلفات كوفيد والجفاف والحرب الاوكرانية. لكن في تقديري ان اهم تحدي امام  السيد رئيس الحكومة هو كيفية تنشيط فريقه للمساهمة في النقاش العمومي والحوار مع المغاربة. فالحكومة كائن سياسي اولاً واخيراً ودورها الرئيسي هو جعل المواطنين يتملكون ما تنجزه مؤسسات الدولة من حكومة وغيرها من خلال النقاش السياسي الرصين والمباشر. وسيكون على رئيس الحكومة في هذه المحطة تدارك الأمر بالطريقة التي يراها ضرورية لتذكير السادة الوزراء أنهم ليسوا موظفون سامون ولكن فاعلون سياسيون ومكانهم الطبيعي بعد كل يوم عمل هو وسائل الإعلام والنقاش في الفضاء العمومي.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا