انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

فيلم “القاتلة”عن وأد البنات رحمة بهن..

بسمة نسائية/ ثقافة وفنون

مهرجان تطوان/ عزيزة حلاق

“حين يصبح وأد البنات رحمة بهن”، هذه هي التيمة التي تدور حولها قصة الفيلم اليوناني “القاتلة”، الذي عرض ضمن المنافسة الرسمية للدورة 29 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، تحت عنوانه الأصلي ” NUDERESS ” للمخرجة “ايفا ناثينا”.

تدور أحداث القصة، في بداية القرن العشرين، حيث تعيش امرأة ( هادولا) في جزيرة يونانية، فقدت زوجها في سن مبكرة جدا، وخبرت الحياة البائسة القاسية ومعنى أن تكوني امرأة في مجتمع ذكوري، الهيمنة فيه للرجل وللسلطة الأبوية الصارمة.

فيلم “القاتلة”، الذي يعد أول فيلم روائي طويل للمخرجة ناثينا، يسلط الضوء على الشخصية الرئيسية “هادولا”، الأرملة التي تعلمت البقاء على قيد الحياة في مجتمع أبوي، من خلال ما ورثته عن والدتها من مهارات (قابلة ومداوية بالأعشاب)، جعل الكل يطلب خدامتها عند الولادة أو المرض. لكنه هذه المهارات استغلتها وجعلت منها “قاتلة”. إذ باتت تؤمن أن دورها في الحياة هو تخليص الفتيات من حياة بئيسة تنتظرهن. فهي مخلصتهن، من بيئية طبيعية قاسية ومجتمعية ظالمة، الابتسامة فيها فعل مفقود. حتى حفلات الزفاف يتم تقديمها على أنها طقس حزين، حيث يبدو الرجال متوحشين والنساء مكسورات. إن آفاق الفتيات محدودة منذ اللحظة التي يتنفسن فيها، وهي حقيقة أبرزها أطفال الجزيرة الذين يرددون في الفيلم أغنية “يتمنون فيها الأولاد فقط”.

تحمل “هادولا” عبئا ثقيلا في داخلها، مثل العصا التي ورثتها عن والدتها، ورغم أنها من المفترض أن تقبل كباقي النسوة، وضعية التقليل من شأن المرأة والحط من شأنها. إلا أنها تنتفض بالتخلص من الفتيات الصغيرات في الجزيرة، لتحريرهن من المصير المظلم الذي ينتظرهن، ولا تستثني حتى بناتها وحفيداتها..

ترى هادولا أن دورها في الحياة هو دور المنقذ، الذي يخلص النساء من الحياة البئيسة والقاسية، التي يعشنها. لكن أفعالها ستضعها وجها لوجه أمام القانون، تترك القرية وتهرب نحو قدرها، ورغم وعيها بخطورة ما تقترفه من أفعال، فالصدمة التي تعانيها عبر الأجيال تتبعها في كل مكان. وتأتي النهاية بمشهد فتاة صغيرة تنتبه أن “هادولا” وهي ترحل، نسيت أن تأخذ “العصا” فتلتقطها الطفلة مبتسمة وكأنها حظيت بلعبة، دون أن تدري، أنها تحمل تاريخا أسودا لقصص الوأد المؤلمة التي تعرضت لها الفتيات في الماضي، وستظل عالقة في أذهان ولاشعور الأمهات والجدات، اللواتي ما زلن يحملن نذوبا لا يمكن التخلص منها بسهولة.

استندت المخرجة في نقل قصة الفيلم إلى مرجعية روائية سردية قوية مقتبسة عن عمل أدبي للكاتب ألكسندروس باباديامانتيس (1886)، الذي يعد من روائع الأدب اليوناني، مشيرة إلى أنها أعادت كتابة أحداث الفيلم بطريقة مختلفة، وصورتها برؤية فنية تشكيلية تتوافق مع الموضوع الشائك لأحداث الشريط، الذي تطلب منها بحثا علميا عميقا.

وأفادت المخرجة، أنها اعتمدت على مجموعة من الأخصائيين، الذين أكدوا من خلال دراسات ميدانية أن الكثير من العقد النفسية، تتوارثها الأجيال بطريقة لا شعورية، وهذا ما جعلها، ترتكز في فيلمها على أحداث تاريخية عاشتها الجدات، لإثارة النقاش حول موضوع مازال يؤرق النساء، مشيرة إلى أن الفيلم بمثابة تكريم وجبر للضرر لكل النساء اللواتي عانين ولازلن من قسوة المجتمع الذكوري.

واعتبرت ناثينا أن الفيلم دعوة للتعامل بشكل واع مع العقد النفسية المترسبة في النفس البشرية منذ عقود، والتي قد تؤدي لجرائم خطيرة، رغم التطور الذي نعيشه حاليا على مستوى الحقوق والحريات.

ختاما، وكانطباع شخصي أولي كمتتبعة عاشقة للسينما، ولست بناقدة، أعتبر أن فيلم “القاتلة” تحفة سينمائية، صيغ برؤية مخرجة مسكونة بالهم النسائي، فجاء مكتمل العناصر، جيد في تفاصيله، فكرة قوية، سيناريو محكم وابداع في الإخراج والتصوير والإضاءة والموسيقى، وعبقرية البطلة “هادولا” في التشخيص بأداء مقنع وأكثر من رائع. .

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا