ذكرى رحيل محمد باطما على أنغام مرارة التغييب

الدار البيضاء: مريم أبوري
تَسلسلت شهاداتُ بعض أحباب وأصدقاء محمد باطما، رحمه الله، خلال إحياء الذكرى الرابعة والعشرين لرحيله. وعلى رأسِ المتدخِّلين كانت الفنانة سعيدة بيروك، من مؤسِّسي مجموعة “المشاهب” التي التحقَ بها محمد باطما. تحدَّثت الأستاذة بمرارةٍ عن انتظارها أن تكونَ القاعةُ مملوءةً بعُشاق “المشاهب”، لكن عدد الحضور كان قليلاً، لا يليق بإحياءِ ذكرى رحيل أيقونة من أيقونات “المشاهب” والمسرح، محمد باطما، عريسُ الزجالين.
استحضرَ زجالون روحَ الفنان عبر إلقاء قصائدهم، منهم الزجال إدريس بن العطار، ومحمد بلحاج، ومحمد الوادي، على أنغام معزوفاتِ أغاني “المشاهب”، عزفها موسيقيٌّ على آلة العود. وقد نعته الزجالة سعيدة بيروك بقصيدة “امحمد المسناوي” من ديوانها “حروف وميزان”:
امحمد المسناوي
امحمد يا بو ولادي
كنت عزي ووسادي
كنت غايتي ومرادي
كنت قنديل ظلامي
كنت شميسة مدفية عظامي
كنت مضمة نشد بها حزامي
امحمد يا عسل لجباح
يا زين الكعدة
امحمد صديق الكلمة
يا صوت المظلوم
امحمد يا زين الحشمة
امحمد يا خو وحيدة
امحمد يا تراب التيرس
يا لحر المسناوي
يا صوت كراونو
وجيرانو
امحمد يا مروج الشبكة
إلى غبت تتسنى
وإلى حضرت
الكل يتدنى
وقد وقَّعت الأستاذة سعيدة بيروك ديوانها “حروف وميزان”، إلى جانب ديوان محمد باطما هاك شرابك يا صهيون. وكأن لسان روحه ألقى قصيدة من قصائده “فرصة”، حيث يقول بمرارة:
إيمتى ترسا يا قلبي
توجد مرسى
هذه فرصة
لا تضيّعها شي ثاني
نوصيك يا قلبي
لا تفتح بعد اليوم بابك
بعد لي خانوك أحبابك
بعد لي خانوك أصحابك
وسهال عليهم تعذابك
أعوام يا قلبي أعوام
أعوام أنت والأيام أعوام
إيمتى ترسا
توجد مرسى
هذه فرصة
لا تضيّعها شي ثاني
مازلت جريح
نتعثر ونطيح
لا تديرها بي ثاني
راني مليت
مغامر عييت
لا تقولش نسيت
كل ما جرى ليا
وإيمتى ترسا
توجد مرسى
هذه فرصة
لا تضيّعها شي ثاني
لا تضيّعها شي ثاني
وقد استحضر المتدخِّلون روحَ الفنان محمد باطما، والسوسدي، والشريف، والعربي، وبوجميع… في قاعةِ العروضِ بدارِ الشبابِ بالحيِّ المحمدي، حيث غنَّوا على منصَّتِها أكثر من مرة، ولا يزال صدى أصواتهم ينبعث من جدران القاعة. وفي الختام، غنَّى الحاضرونَ أغنية “…خليلي”، التي تُعَدُّ من أجملِ أغاني المجموعة.
وأكدت الأستاذة سعيدة بيروك، في مداخلتها حول تاريخ المجموعة، أن اسم “المشاهب” تم الاتفاق عليه ليعوض اسم مجموعة “طيور الغربة”، التي أُسِّست في أوائل السبعينيات بمراكش، موضحةً أن كثيرين يحاولون طمس هذه الحقيقة. فـ”المشاهب”، في نسختها الأولى مع الفنان بختي، ما هي إلا امتداد لمجموعة “طيور الغربة” المراكشية، التي كانت الأستاذة سعيدة من مؤسسيها.
كانت أمسيةً رائعةً، ترفرف فيها أرواح من رحل من أعضاء “المشاهب” و”ناس الغيوان”، أمسيةً رجع صدى ذكرياتها التي عاشتها جدران ومنصات وقاعات دار الشباب بالحي المحمدي، مع أصوات وحكايات أعضاء هذه المجموعات الفنية التي أسهمت في صناعة الفن المغربي، فن المجموعات التي كانت صوت المواطن المغربي ومعاناته.
كانت أمسية ممتعة، رغم المرارة التي طبعت نبرة المتدخلين، مرارةُ إحياء ذكرى رحيل قامةٍ من قامات الذاكرة الفنية المغربية دون أن يُلتفت إليها.
تبقى مبادرةُ إحياء هذه الذكرى من جمعية السلام للثقافة والفن مشكورةً، وحضورُ بعض أحبة وعشاق المجموعة والراحل محمد باطما، رحمه الله، مبادرةً تزيل بعض غبار النسيان عن اسمه.
سعدتُ بالحضور لهذا العرس، رغم قلة الحاضرين. استنشقتُ عبق رائحة قلب الحي المحمدي، قريباً من حي سوسيكة، حارة أمي، وسينما شريف بدرب مولاي شريف، التي ارتدتها في طفولتي لمشاهدة الأفلام المصرية والهندية. وألقيتُ السلام على جدران دار الشباب بالحي المحمدي، التي كانت فضاء أمي الطفلة، وسينما “السعادة” معلمة الحي المحمدي.