
مراسلة خاصة من تطوان”بسمة نسائية”
صفاء آغا
عاشت مدينة الحمامة البيضاء على مدى أسبوع، على إيقاع فعاليات دورة جديدة للمهرجان السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط وهي دورة استثنائية، باعتبارها الدورة تؤرخ هذا العام لليوبيل الفضي لهذا العرس السينمائي المتوسطي.
مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، هو مسار سينمائي وفني حافل، نجح في تنظيم دورات متتالية ناجحة، أوصلته للاحتفال هذه السنة بالدورة ال25، احتفال واحتفاء جاء بطعم خاص، طعم الانتصار للسينما الجادة الهادفة، و تكريس لمكانة المغرب سينمائيا في البحيرة المتوسطية، رغم الأزمات والمعوقات المادية وهو ما يحسب لإدارة المهرجان التي استطاعت أن ترفع التحدي ، وتحتفظ لمهرجانها بمكانة خاصة، وكان هدفها دائما ضمان استمرارية هذه التظاهرة السينمائية التي انطلقت أواسط ثمانينيات القرن الماضي من خلال ملتقى رواد وعشاق السينما لتتطور وتصنع مهرجانا، أصبح من أهم المهرجانات ليس على المستوى الوطني أو الإقليمي فحسب بل وجد لنفسه موطئ قدم على اخريطة المهرجانات الدولية.
وقد كانت دورة اليوبيل الفضي لهذه السنة، مناسبة أخرى من مناسبات الفرجة السينمائية الرفيعة لاسيما وأن إدارة المهرجان توفقت في اختيارات وبرمجة أفلام هذه الدورة التي أتت بطعم خاص من حيث التنوع والقيمة الفنية للأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية، سواء الأفلام الروائية الطويلة أو الوثائقية أو تلك التي خاضت المنافسة في فئة الأفلام القصيرة. أو حتى تلك التي عرضت ضمن فقرة البانوراما.
وجرت العروض داخل فضاءات متميزة من حيث الجمال و الدقة الهندسية و الإمكانيات التقنية، فقاعتي أبينيدا و اسبانيول، تعتبران من أرقى القاعات المغربية، وقد زاد من ألقها جمهور ذواق، قدم لضيوف المهرجان صورة جميلة في التحضر والمشاهدة الذكية والمتابعة العالمة.
وخصت دورة اليوبيل الفضي تكريم خاص للسينما الفلسطينية، ونظمت بالمناسبة ندوة حضرها الوفد الفلسطيني وعرفت حضور العديد من الفنانين والمثقفين المغاربة، كان من بينهم الإعلامي والكاتب الصحفي ” ياسين عدنان ” الذي قدم ورقة، أكد فيها على أن السينما الفلسطينية سابقة للصراع ولكي ننصفها جهويا ومتوسطيا كان من الطبيعي وبعيدا عن منطق التعاطف مع القضية، أن تخصص لها ندوات وحلقات دراسية في فضائنا المتوسط، لاسيما أن فلسطين اعتبرت أرضا خصبة للسينما منذ العشرينيات القرن الماضي. وقال ياسين إن تكريم المهرجان المتوسطي للسينما الفلسطينية هو تأكيد على أن القضية الفلسطينية قضية وطنية بالنسبة لكل المغاربة، قضية يولونها الاهتمام والدعم والمساندة المطلقة، و يعتبرون السينما المنتصرة لها سينما حقة وجب تبجيلها والتعريف بانجازاتها وروادها الكبار وتصريف وجودها في كل المناسبات.
اليوبيل الفضي، لحظات حقيقية من المتعة البصرية الراقية من خلال عرض ومشاهدة عشرات الأفلام المتوسطية، روائية ووثائقية، والالتقاء بصناعها الكبار، وخلق نقاشات حولها تروم تعزيز وجودها وإبداعاتها، والعمل على تسويقها في القاعات العالمية، وقبل ذلك مشاركاتها في المهرجانات الدولية.
دورة اليوبيل الفضي، كانت أيضا وقفات إبداعية، شملت قراءات وتوقيعات لكتب ومؤلفات نقدية سينمائية، وسير ذاتية لمبدعين سينمائيين، كان من بينها: “الصورة والمعنى” للدكتور نورالدين آفاية، و “حياتي جميلة” للمخرج أحمد بولان، وكلها محطات تسير في اتجاه التفكير الجاد في جعل السينما المغربية، سينما الإبداع والحرية والفكر الحر والانفتاح على مفاهيم الحرية والديموقراطية والقيم الكونية.
اليوبيل الفضي، تعريف بأفلام مغربية توجت خلال دورات سابقة من المهرجان، بمعنى أفلام نافست سينمات عريقة منتمية لبلدان كبيرة، بلدان من طينة اسبانيا وفرنسا وايطاليا وتركيا وصربيا ومصر..، أفلام من توقيع الجيلالي فرحاتي و حسن بنجلون وداود أولاد السيد وطالا حديد وهشام العسري، أفلام مغربية بإمكانيات محدودة لكن صنعت بحب كبير للسينما ورسالتها النبيلة.
اليوبيل الفضي مناسبة لنقول: دامت السينما المتوسطية ومعها المغربية، في مقدمة السينمات العالمية، كسينما للتعايش والتسامح والحب والفرح والاحتفال تحت شمس الخلق الحر والإبداع اللامتناهي..