انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
قصة حب تروى

زياد وكارمن ..جب بلا ولا شي..

زياد الرحباني وكارمن لبّس ..حبٌّ على مقاس الفوضى الجميلة

كان اللقاء الأول مسرحيًا. خشبة المسرح جمعت بين كاتبٍ لا يعترف بالنهايات المرتّبة، وممثلة تشبه الضوء حين ينساب من شقوق الخشب القديم: خافتاً… لكن دافئًا.

كارمن لبّس، بصوتها الهادئ وعينيها اللتين تُجيدان الإصغاء، دخلت حياة زياد الرحباني من كواليس الفن، ومكثت فيها زمناً يشبه زمن أغانيه: لا يُقاس بالسنوات، بل بالنبض، بالارتباك، بالأسئلة.

كان زياد قد اعتاد أن يقيم في الفوضى، يخطّ رسائل حبّه على ورق التبغ، ويُلحن مشاعره على أوتار مشروخة، ويقلب دفاتر القلب في مقاطع موسيقية تختلط فيها الثورة بالحنين، والضحك بالدمعة.

وكانت هي، كارمن، تنصت. لا تقاطعه. تحبّه كما هو. لا كما ينبغي أن يكون. كانت تعرف أنه لا يصلح لحياة “عادية”. وكانت تعجبه لأنها لا تشبه سواها.

دامت العلاقة نحو خمسة عشر عاماً.

لا أحد يعرف متى بدأت تمامًا، ولا متى انكسرت بصمت.

لكن ما قالته كارمن ذات مرة يكفي:

“أنا حبيت زياد كتير، بس الحب مش دايمًا بيكفي.”

لم يكن حبّهما استعراضًا. لم يُكتب عنه في أعمدة النميمة. كان حبًّا يُشبه القصائد التي لا تُقرأ على العلن، بل تُحفظ في الجيب الداخلي لقميص القلب.

في أغنياته، يمكن أن تلمح ظلّها: في تردده، في ندمه الشفيف، في وقفته على الحافة.

وفي مقابلاتها، يظهر أثره: في نضجها، في كلامها القليل والدقيق، في الاعتراف بأنها “عاشت حبّاً حقيقياً” مرّة واحدة فقط.

قد يسأل البعض: لماذا لم يتزوّجا؟

لأن زياد لم يكن رجلاً تقليديًا، ولم تكن هي امرأة تبحث عن نهاية مُطمئنة.

لأن علاقتهما لم تكن بحاجة إلى خاتم… كانت مكتفية بنظرة، بجلسة على مقهى، بجملة مرتجلة في بروفا، بلحنٍ لا يحمل توقيعاً… لكنه يحمل ذاكرة.

انفصلا؟

نعم.

لكن الحب، في حالتهما، لم يكن شيئاً يُغلق كالباب.

بل ظلّ مواربًا. حيًّا في أغنية، صامتًا في مشهد، عالقًا بينهما مثل نوتة لم تُعزف بعد.

في النهاية،

كانت قصة زياد وكارمن تشبه ما قاله زياد ذات مرة:

“في ناس بتضل تحبها، حتى لو ما عادوا بحياتك.”

ولعلها لم تكن قصة حب فقط… بل كانت قصيدة نثرية عاشها كلاهما، دون الحاجة إلى نهاية سعيدة أو تفسير.

ثم جاء الرحيل الكبير.

في جنازته، كانت كارمن أول الحاضرين. انهارت بالبكاء، واحتضنت النعش كما لو أنها تعانق سنواتها معه. وفي كلمات كتبتها بعد الوداع، تركت ما يشبه وصيتها العاطفية:

“فكرت بكل شيء، إلّا أن يُعزّيني الناس بك. الوجع في قلبي أكبر من استطاعتي وصفه. حتى في البُعد الذي كان بيننا، كنت موجودًا… والآن لم تعُد. صعب كثيرًا يا زياد ألا تكون موجودًا. سأظل أشتاق إليك دائمًا، حتى في غيابك… وأحبك بلا ولا شي

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا