انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
مجتمع

السينما ومدونة الأسرة:حين يُحرّك الفن وعي المجتمع..

السينما ومدونة الأسرة:حين يُحرّك الفن وعي المجتمع..تتحرك القوانين..

بسمة نسائية/ الدار البيضاء

سجلت الندوة الثانية، التي نُظّمت صباح اليوم في إطار الدورة الأولى لمهرجان “السينما والأسرة”، حول موضوع “السينما ومدونة الأسرة”، تفاعلاً قويًا، نظرًا لراهنيتها والإشكالات المرتبطة بالتعديلات الأخيرة التي طالت مدونة الأسرة، دون أن ترق إلى تطلعات الحركة نسائية..

وقد أثارت المداخلات التي قدمها كل من المخرج سعد الشرايبي، والأستاذة زاهية أعْمومو، والأستاذ محمد عبد الوهاب رفيقي، نقاشًا غنيًا ومتعدد الزوايا، عكس أهمية التقاطع بين الشأن السينمائي والواقع القانوني والاجتماعي للأسرة المغربية.

وتألقت في تسيير الجلسة الكاتبة لطيفة باقا، التي أضفت على النقاش سلاسة وعمقًا بفضل تدخلاتها وتفاعلها مع المتحدثين والجمهور.

الندوة جمعت بين قضايا الفن والتشريع، وطُرح سؤال جوهري: هل يستطيع العمل الفني التأثير في القوانين وتوجيه الرأي العام؟ وهل من دور حقيقي للدراما والسينما في تحريك الوعي المجتمعي، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمدونة الأسرة، أحد أكثر النصوص القانونية إثارة للجدل في المغرب؟

انطلقت المداخلات من قناعة بأن الوعي المجتمعي هو المحرك الأساس لأي إصلاح قانوني، وأن هذا الوعي لا يتشكل فقط عبر النضال الميداني والندوات الحقوقية، بل أيضًا من خلال الصورة التي يقدمها الفن عن قضايا النساء والأسرة والعدالة.

بين حرية الإبداع وشروط الدعم

أثيرت خلال النقاشات إشكالية حرية المبدع، وحدودها عندما تُمارس تحت سقف الدعم المؤسسي، حيث تُفرض أحيانًا وجهات نظر معينة من قبل الجهات الداعمة، فتُملى مواضيع بعينها أو تُستبعد أخرى، ما يجعل بعض الأعمال الفنية تفتقد للجرأة المطلوبة، أو تتحول إلى أعمال تناقش موضوع المرأة بسطحية وتغفل جوهر المعاناة اليومية التي تعيشها فئات واسعة من النساء، خاصة حين يتعلق الأمر بالطلاق، النفقة، والحضانة.

تجارب عربية ساهم فيها الفن في التأثير على القوانين

الأستاذ عبد الوهاب رفيقي، عرض نماذجا من السينما والدراما المصرية، التي استطاعت أن تؤثر في الرأي العام، بل وتُسهم في الضغط لتغيير القوانين، كما هو الحال مع فيلم “أريد حلاً” الذي هزّ أركان قانون الأحوال الشخصية في سبعينيات القرن الماضي، أو مسلسلات رمضان، وذكر بالخصوص، بمسلسل “فاتن أمل حرب” لنيللي كريم، الذي ناقش ببراعة المآسي القانونية التي تتعرض لها النساء عند الطلاق، ومسلسل “تحت الوصاية” لمنى زكي، الذي جعل قضية “الولاية” على الأطفال بعد وفاة الزوج تعود إلى واجهة النقاش السياسي والقانوني في المجتمع المصري.

أما في المغرب، فقد تمت الإشارة إلى بعض التجارب السينمائية الجادة، خاصة أفلام سعد الشرايبي، هو المعروف بمناصرته للقضايا النسائية، وتحدث عن فيلم “نساء ونساء”، الذي قدّم رؤية متقدمة لقضايا المرأة من منظور إنساني واجتماعي مؤثر، بطرح موضوع العنف الممارس ضد المرأة. وهو العمل الذي سبق النقاش الذي أثارته مع حكومة التناوب، خطة سعيد السعدي، لادماج المرأة في التنمية، غير أن الأعمال الجادة تظلّ محدودة أمام إنتاج تلفزي مستمر في تقديم صور نمطية أو سطحية عن معاناة النساء، بل ويقع أحيانًا في أخطاء فادحة.

من قلب المحاكم

الأستاذة زاهية أعْمومو، المحامية التي خبرت ردهات المحاكم، شددت في مداخلتها على غياب تمثيل حقيقي لمعاناة النساء والأطفال في الدراما التلفزية، مؤكدة أن ما يُعرض غالبًا لا يعكس الواقع، لا من حيث التفاصيل القانونية، ولا من حيث الصراع النفسي والاجتماعي. فمثلًا، في مسلسلات كثيرة، تُعرض هيئة المحكمة بشكل غير دقيق، حيث يظهر القاضي محاطًا بمستشارين وممثل النيابة العامة، في حين أن قضاء الأسرة في المغرب يُمارَس من طرف قاضٍ منفرد دون هذا الطابع الجماعي، وهو ما يكرّس صورًا مغلوطة لدى الجمهور.ناهيك عن مضمون الملفات التي تطرح ضمن برامج تقدم على أنها تخدم قضايا الأسرة والمجتمع.

الفن كقوة ناعمة للتغيير

خلصت الندوة إلى أن الفن يمتلك قدرة فريدة على خلق التعاطف مع قضايا المجتمع، أضعاف ما يمكن أن تفعله الإعلانات التحسيسية أو الندوات الأكاديمية. فمشهد مؤثر في فيلم، أو جملة صادقة في مسلسل، قد تلامس القلوب وتحرك الضمائر أكثر مما تفعل تقارير المنظمات.

لكن هذا يتطلب وعياً مضاداً للرقابة الذاتية، وانفتاحًا أكبر من قبل الجهات الداعمة، وفهمًا بأن الفن ليس فقط أداة ترفيه، بل أداة مقاومة وتغيير، خاصة في القضايا المجتمعية، وعلى رأسها مدونة الأسرة، التي لا يمكن إصلاحها بدون تحوّل في العقليات، وهذا التحول لا يصنعه القانون وحده، بل تساهم فيه الصورة، والكلمة، والمشهد المؤثر مع وجود الإرادة السياسية وتوجهات واضحة لأصحاب القرار تترجم رسائل هذه الأعمال الفنية، في البرامج والتدابير المرتبطة بالسياسات العمومية.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا