انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

جيداء وهبة، بأي ذنب قُتِلَتَا؟..

عندما يتحول البيت إلى مسرح جريمة: من المسؤول؟ ومن أين نبدأ؟

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

أمس، طفلة تُغتصب وتُخنق على يد عمها. اليوم، أم تذبح طفلتها في جريمة تفوق التصور. ليست هذه مجرد وقائع منفصلة، بل مؤشرات على انهيار منظومة القيم، وتفكك الروابط الأسرية، وانتشار العنف الأسري كأنه جزء من الحياة اليومية. السؤال الملحّ هنا: ماذا يحدث؟ ومن المسؤول عن هذا الانحدار المخيف؟

ليلة أمس، اهتز الرأي العام المغربي على وقع جريمة مروعة: الطفلة جيداء، ذات الخمس سنوات، تختفي أثناء ذهاب الأم لصلاة التراويح، بمسجد بحي السي الطيبي، أحد أحياء هوامش مدينة سلا، ليتم العثور عليها جثة هامدة في مطرح للنفايات. الجاني: عمها، عمره 16 سنة، اعترف بإنهاء حياة الصغيرة خنقا بعد اغتصابها..

واليوم، وقبل أن يفيق المجتمع من صدمة أمس، جريمة أخرى تتصدر العناوين: أم تذبح طفلتها هبة، ذات التسع سنوات، دقائق قليلة قبل آذان الفجر، بمنطقة الهراويين بالدار البيضاء. مشهد يفوق الخيال، لكنه واقع صادم يفرض علينا مواجهة الحقيقة بدلًا من الاكتفاء بالاستنكار والغضب العابر.

ما الذي يحدث؟ ومن أين نبدأ؟

هل يكفي أن نتداول الخبر، وكأنه حدث عادي، نستنكر ونغضب ونطالب بأقصى العقوبات؟

هل يمكن أن نواصل العيش وكأن هذه الجرائم مجرد حوادث عرضية ليس إلا؟ أكيد لا..

علينا أن نعترف أننا أمام انهيار مجتمعي مخيف. فهل نبدأ بإصلاح القوانين، أم بإعادة التربية داخل الأسر والمدارس، أم بتغيير الخطاب الإعلامي؟ أم  بتحمل المسؤولية للسياسات العمومية؟ وهل يكفي أن نطالب بأقصى العقوبات؟

إن الحل يبدأ بفهم الأسباب الحقيقية من خلال دراسات جادة بدل الاكتفاء بردود الفعل اللحظية.

فهذه الجرائم ليست حوادث معزولة، بل أعراض لخلل عميق في بنيتنا الاجتماعية والأسرية. انهيار منظومة القيم، تفكك الروابط الأسرية، تفشي العنف داخل البيوت، الفقر والهشاشة، غياب الرعاية النفسية… كلها عوامل تصنع بيئة خصبة لمثل هذه الفظائع..

الأسر بحاجة إلى دعم حقيقي، الفقر والصراعات الأسرية ليست مبررًا للجرائم، لكنها أحد أسبابها. لا يمكن أن نطالب بالاستقرار المجتمعي دون سياسات تحمي الأسر من الانهيار.

التربية والتعليم والإعلام، علينا مراجعة ما يُزرع في عقول الأجيال، سواء في البيوت أو المدارس أو عبر الإعلام، الذي يسهم أحيانًا في التطبيع مع العنف بدل التصدي له.

العلاج النفسي ليس رفاهية، فكثير من الجرائم يرتكبها أشخاص يعانون اضطرابات نفسية لم تُعالج. وهنا لابد من أن يصبح العلاج النفسي جزءًا من المنظومة الصحية وليس مجرد ترف.  المدرسة لم تعد تربي كما كانت من قبل، فقدت دورها في زرع القيم، وتعزيز الوعي النفسي والاجتماعي. يجب إعادة النظر في مناهج التربية، وإدخال برامج جدية عن مواجهة العنف الأسري والتربية على الاحترام.

الإعلام تحول في كثير من الأحيان، إلى أداة للتطبيع مع العنف، بنشر الجرائم بحثا عن الإثارة بتسليط الضوء على المجرم أكثر من الضحية، وبالتالي، تصبح الجرائم مجرد أخبار عابرة بدل أن تكون جرس إنذار.

أسئلة كثيرة تطرح، لكن الصمت لم يعد خيارًا. لم نعد نستطيع الاكتفاء بالصدمة والغضب؛ بل علينا أن نتحرك بحزم وصرامة، كل من موقعه. فهذه الجرائم ليست مجرد وقائع عابرة، بل هي صرخة استغاثة في وجه أنظمة منسية بحاجة إلى إصلاح جذري. إن مسؤوليتنا الجماعية تتطلب اتخاذ إجراءات فورية تُعيد الثقة وتعزز الحماية، لتكون لكل مواطن حقوقه ولا مكان للظلم والعنف. هذه ليست دعوة للانتظار، بل تحذير بأن التهاون يفضي إلى مزيد من الانحدار،

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا